فصل : وأما القسم الخامس وهو
أن يقر بأنها وديعة لأحدهما لا يعرفه بعينه فهي مسألة الكتاب ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يدعيا علمه .
والثاني : ألا يدعياه ، فإن لم يدعيا علمه ، فلا يمين عليه ويتحالف عليه المدعيان ،
[ ص: 383 ] فإن نكلا أقر في يد صاحب اليد حتى يصطلحا ، وإن حلف أحدهما حكم به للحالف منهما وإن حلفا معا ففيه وجهان :
أحدهما : أنه يقسم بينهما .
والثاني : أنها توقف في يد صاحب اليد حتى يصطلحا ، وإن ادعيا علمه أحلف بالله تعالى أنه لا يعلم لمن هي منهما ، فإن حلف برئ وتحالف المدعيان ، فإن نكل فقد حكي عن
أبي حنيفة أنه قال : أقسم الوديعة بين المدعيين وأغرمه القيمة فتكون بينهما ، وعند
الشافعي : لا غرم عليه إن نكل ؛ ولذلك قال
الشافعي : قيل لهما هل تدعيان شيئا غير هذا بعينه ؟ فإن قالا : لا ، أحلف ووقف ذلك لهما ردا على من زعم أنه يغرم القيمة لهما ؛ لأنهما ما ادعيا إلا وديعة عينها باقية ولم يستهلكها على أحدهما بالإقرار بها لغيره وكيف يغرم قيمة لا يدعيانها وما ادعياه كان لهما .
فإن قيل : فإحلاف المستودع لا يفيد على هذا القول شيئا ، لاستواء الحكم فيه إن نكل ؟
قيل قد كان بعض أصحابنا يذهب لأجل هذا إلى أن اليمين غير واجبة ، وذهب جمهورهم إلى وجوبها ؛ لأنها موضوعة للزجر وإن لم يتعلق بها غرم وقد يجوز إذا عرضت عليه اليمين أن ينزجر بها فيبين علما قد كتمه فعلم به ؛ فلذلك وجبت وإذا كان كذلك ولم يكن في يد المستودع بيان تحالف المدعيان ، فإن نكلا أقرت الوديعة في يد المستودع ، فإن حلف أحدهما قضي بها للحالف منهما وإن حلفا معا فعلى وجهين :
أحدهما : يقسم بينهما بأثمانهما .
والثاني : يكون موقوفا بينهما وهو ظاهر ، قاله
الشافعي - رضي الله عنه - حتى يصطلحا عليها وأين توقف على وجهين :
أحدهما : في يد المستودع على ما كانت من قبل .
والثاني : تنتزع من يده ويقرها الحاكم في يد من يرضيانه ؛ لأن المستودع قد صار بالنكول والإنكار خصما .