فصل : وقد
كانت الغنيمة محرمة على من تقدم من الأنبياء وكانت تجمع فتنزل نار من السماء فتحرقها إلى أن أحلها الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923672أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي إلى أن قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923673وأحلت لي الغنائم الحديث . فجعلها الله تعالى في صدر الإسلام ملكا لرسوله - صلى الله عليه وسلم - خالصا دون غيره بقوله تعالى :
يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله [ الأنفال : 1 ] . والأنفال هي : الغنائم ؛ لأن النفل في كلامهم هو الزيادة من الخير ومنه صلاة النافلة ، وقال
لبيد بن ربيعة :
إن تقوى ربنا خير نفل وبإذن الله ريثي وعجل
فسميت الغنائم أنفالا لأنها زيادة مال مستفاد وفي السبب الذي نزلت هذه الآية من أجله ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن أهل
بدر شكوا في غنائمها فأنزل الله تعالى :
يسألونك عن الأنفال [ الأنفال : 1 ] . ولم يعلموا حكم إباحتها وحظرها حتى سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها فأنزل الله تعالى :
يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول [ الأنفال : 1 ] .
والثاني : أن شبان المقاتلة يوم
بدر تسارعوا إلى القتال وثبت الشيوخ تحت الرايات ، فلما فتح الله عليهم قال الشبان : نحن أحق بالغنائم لقتالنا ، وقال الشيوخ : لا تستأثروا علينا فإنا كنا رداء لكم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية فيهم .
والثالث : أن من شهد
بدرا من
المهاجرين والأنصار اختلفوا وكانوا أثلاثا في الغنائم أيهم أحق بها ، فنزلت هذه الآية فيهم وجعلها الله لرسوله دونهم حسما لتنازعهم ، فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم على رأيه واجتهاده وأدخل منهم ثمانية لم يشهدوا بدرا ، منهم
[ ص: 388 ] عثمان بن عفان وطلحة - رضي الله عنهما - ، أما
عثمان فلتشاغله بتمريض زوجته
nindex.php?page=showalam&ids=10733رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأما
طلحة فلأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كان أنفذه ليتعرف خبر العير
وأبي سفيان ، ثم أن الله تعالى نسخ هذه الآية بقوله سبحانه :
واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل [ الأنفال : 41 ] الآية ، فلما أضاف الله تعالى مال الغنيمة إلى الغانمين ، ثم استثنى من خمسه لرسوله - صلى الله عليه وسلم - ومن سمي معه أهل الخمس بقوله تعالى :
فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل دل على أن الباقي من أربعة أخماسه ملك للغانمين كما قال تعالى :
وورثه أبواه فلأمه الثلث [ النساء : 11 ] فدل إضافة المال إليهما على استثناء الثلث منه للأم يوجب أن يكون الباقي للأب ، ثم يدل على ذلك ما روي عن
أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - تارة موقوفا عليه ، وتارة مسندا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "
الغنيمة لمن شهد الوقعة " ، فصار
مال الغنيمة مقسوما على خمسة وعشرين سهما ، خمسة منها لأهل الخمس وهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذوو القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ، وفيه خلاف يذكر من بعد وأربعة أخماسه وهو عشرون سهما تقسم بين الغانمين لا يجوز أن يشاركهم فيه غيرهم ولا يفضل ذو غنى على غيره ، فهذا حكم مال الغنيمة .