مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ومن حضر بفرسين فأكثر لم يعط إلا لواحد : لأنه لا يلقى إلا بواحد ، ولو أسهم لاثنين لأسهم لأكثر ولا يسهم لراكب دابة غير دابة الخيل " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح .
إذا
حضر الفارس الوقعة بأفراس لم يعط إلا سهم فرس واحد ولو حضرها بمائة فرس . وبه قال
أبو حنيفة ومالك وأكثر الفقهاء ، وقال
الأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق : يسهم لفرسين ولا يسهم لأكثر استدلالا بما روى
مكحول أن الزبير بن العوام حضر خيبر بفرسين فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - خمسة أسهم : سهم له ، وأربعة أسهم لفرسيه ، ولأن الثاني عدة
[ ص: 419 ] مجيئها يراوح بينه وبين الأول إن أعيا أو زمن ، فكان تأثيرهما أكثر مع ما قد تكلفه لهما من زيادة المؤنة ، وهذا خطأ .
ودليلنا ما رواه
أبو عاصم عن
نافع عن
ابن عمر أن الزبير بن العوام حضر خيبر ومعه أفراس فلم يسهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لفرس واحد .
وروي
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حضر خيبر ومعه ثلاثة أفراس : السكب والظرب والمرتجز ، فلم يأخذ السهم إلا لواحد ، ولأنه لا يقاتل إلا على واحد منها ، ولو تحول عنه صار تاركا له ويكون الثاني إن انتقل إليه كالثالث في أنه قد يجوز أن ينتقل إليه ولا يسهم له ، فكذلك الثاني ويصير ما سوى الأول زينة واستظهارا لا يتعلق به حكم الاستحقاق ، كخدم الزوجة لا تستحق إلا نفقة واحدة منهم ، لوقوع الكفاية به ويصير ما عداه زينة وزيادة واستظهارا .
وأما حديث
مكحول فقد روينا عن
ابن عمر خلافه وهو صحابي خبره مسند وذاك تابعي خبره مرسل ، وأما استدلالهم أن الثاني عدة وقد تكلف له زيادة مؤنة ، فهذا حال الثالث أيضا ولا يوجب السهم له ، فكذلك الثاني .