مسألة : قال
الشافعي : " ولم يختلف أحد لقيته في أن
ليس للمماليك في العطاء حق ولا الأعراب الذين هم أهل الصدقة " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال .
المملوك لا يفرد له في العطاء ، سواء قاتل مع سيده أو تشاغل بخدمته ، لكن يزاد السيد في عطائه لما يتكلفه من نفقة عبده ، وحكي عن
أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه أعطى العبيد في أيام خلافته ، فلما أفضى الأمر إلى
عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حرمهم ولم يعطهم ، وهو الأصح لأمرين :
أحدهما : أن العبد لا يملك وإنما هو عون لسيده ، عليه نفقته وكسوته وله كسبه .
والثاني : أنه ليس من أهل الجهاد فيعطى عطاء المجاهدين ، ألا تراه لو حضر الوقعة لم يتعين عليه القتال فيها .
[ ص: 447 ] فإن قيل : فكيف قال
الشافعي لم يختلف أحد لقيته في أن ليس للمماليك في العطاء حق ، فادعى في ذلك الإجماع
وأبو بكر قد خالف ؛ ولا ينعقد الإجماع مع خلافه ؟ فعن ذلك ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنه صار بذلك إلى من لقيه من أهل عصره وهو لم يعاصر الصحابة .
والثاني : قد يعقب خلاف الصحابة إجماع من بعدهم من الأعصار ، فصار حكم الخلاف عند كثير من أصحابنا مرتفعا .
والثالث : أنه أشار بذلك إلى عبيد الخدمة لا عبيد المقاتلة ، ولم يعطهم
أبو بكر ولا أحد بعده شيئا .