فصل : وأما
استعمال ذوي القربى على الصدقات ، فإن تطوعوا بالعمل من غير أجر جاز وسقط من تلك الصدقة التي عملوا فيها سهم العاملين عليها ، كما يجوز للإمام أن يتولاها ، وإن كان من ذوي القربى : لأنه يأخذ منها ويسقط سهم العاملين منها ، وإن
أراد العامل من ذوي القربى أن يعمل عليها ويأخذ سهم عمله منها ففي جوازه ثلاثة أوجه :
[ ص: 497 ] أحدها : يجوز لأنها معاوضة لا يراعى فيها الفقراء فلم يراع فيها النسب ، ولأنه لما جاز أن يفاضلوا على عملهم فيها ما يلزم رب المال من أجرة الكيل والوزن وما يلزم أهل الصدقات من أجرة الحفظ والنقل ، جاز أن يفاضلوا عليه بما يلزم في مال الصدقات من سهم العاملين .
والوجه الثاني وهو الظاهر من مذهب
الشافعي أنه لا يجوز تحريم الصدقات عليهم ، روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=923779أن الفضل بن العباس والمطلب بن ربيعة أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألاه عمالة الصدقة فقال : إن الصدقة من أوساخ الناس لا يحل لمحمد وآل محمد منها شيء .
وروي عنه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923484إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة ، ولأن الله تعالى جعل سهمهم من خمس الخمس من الفيء والغنيمة عوضا عن مال الصدقة .
والوجه الثالث : وهو قول
أبي سعيد الإصطخري : إن كانوا يعطون سهمهم من الخمس لم يجز وإن كانوا لا يعطون جاز : لئلا يجمعوا بين مالين إن أعطوا ، لا يحرموا المالين إن منعوا ، فأما
مولى ذوي القربى فقد اختلف أصحابنا فيهم على وجهين :
أحدهما : أنهم كذوي القربى في تحريم الصدقات عليهم لرواية
أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل على الصدقة رجلا من
بني مخزوم فقلت له : أثبت لي سهما منها ، فقال حتى أستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فسأله عن ذلك فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923611إن مولى القوم منهم ، وإنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة .
والوجه الثاني : أنها لا تحرم عليهم ، ويجوز أن يكون المولى منهم عاملا عليها : لأن تحريمه على ذوي القربى لأمرين تفردوا بهما عن مواليهم :
أحدهما : شرف نسبهم الذي فضلوا به .
والثاني : سهمهم من الخمس الذي تفردوا به .
فوجب أن يختصوا بتحريم الصدقات دون مواليهم ، والله أعلم .