مسألة : قال
الشافعي : "
ولا يعطي زوجته : لأن نفقتها تلزمه ، فإن أدانوا أعطاهم من سهم الغارمين وكذلك من سهم ابن السبيل : لأنه لا يلزمه قضاء الدين عنهم ولا حملهم إلى بلد أرادوه ، فلا يكونون أغنياء عن هذا به كما كانوا به أغنياء عن الفقر والمسكنة " .
قال
الماوردي : قد مضى الكلام قي الأقارب المناسبين ، فأما الزوجة فلا يخلو حالها من أحد أمرين :
إما أن تكون مقيمة ، أو مسافرة ، فإن كانت مقيمة لم تخل من أن تكون مطيعة أو ناشزة ، فإن كانت مطيعة تلزمه نفقتها ولم يجز أن يعطيها من سهم الفقراء والمساكين : لأنها غنية به ، وإن كانت ناشزة لم تلزمه نفقتها وسقطت عنه بالنشوز ، ولا يجوز أن يعطيها من سهم الفقراء والمساكين ، وإن لم يكتسب لقدرته على الكفاية ، فأما إعطاء الزوجة من سهم العاملين فليست ممن يستعمل على الزكاة فيعطاه .
وأما من سهم المؤلفة فلا يجوز أن تعطى : لأن المؤلفة هم الرجال المقاتلة ، ولو قيل : يعطى لكان مذهبا : لأن ما يقصد من حسن إسلام الرجل وترغيب قومه في الإسلام موجود في المرأة .
وأما إن كانت مكاتبة أو غارمة جاز أن تعطى من سهم الرقاب والغارمين : لأنه لا يلزمه قضاء دينها وأداء كتابتها . وأما من سهم سبيل الله ، فلا يجوز أن تعطاه : لأنها ليست من أهل الجهاد . وأما من سهم بني السبيل فسنذكر حكم سفرها ، فلا يخلو أن تسافر وحدها أو مع زوجها ، فإن سافرت مع زوجها فلا يخلو أن يكون بإذنه أو بغير إذنه ، فإن كان بإذنه فلا يعطيها من سهم ابن السبيل : لأن مؤنة حمولتها تلزمه لأجل إذنه ، وإن كان بغير إذنه فلها النفقة لكونها معه ولا يلزمه حمولتها لخروجها بغير إذنه ولا يجوز أن يعطيها من سهم بني السبيل كراء حمولتها : لأنه سفر معصية . وإن سافرت وحدها ، فلا يخلو أن يكون بإذنه أو بغير إذنه ، فإن كان بغير إذنه ، فلا نفقة لها ؛ لكونها ناشزة ، ويجوز أن يعطيها من سهم الفقراء والمساكين بخلاف المقيمة الناشزة .
والفرق بينهما أن المقيمة إذا نشزت قدرت على النفقة بتعجيل المطاوعة ، ولا يجوز أن يعطيها من سهم بني السبيل : لأنه سفر معصية ، وإن كان سفرها بإذنه فعلى ضربين :
[ ص: 537 ] أحدهما : فيما يختص بزوجها ، فعليه نفقتها وحمولتها ، فلا يجوز أن يعطيها من سهم الفقراء والمساكين ولا من سهم بني السبيل .
والضرب الثاني : أن يكون فيما يختص بها ففي وجوب نفقتها قولان :
أحدهما : تجب عليه ، فعلى هذا لا يجوز أن يعطيها من سهم الفقراء والمساكين لغناها به ، ويجوز أن يعطيها من سهم بني السبيل : لأن حمولتها لا تلزمه .
والقول الثاني : لا نفقة لها ، فعلى هذا يجوز أن يعطيها من سهم الفقراء والمساكين ، ويجوز أن يعطيها من سهم بني السبيل .