مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " فأما
آل محمد - صلى الله عليه وسلم - الذين جعل لهم الخمس عوضا من الصدقة ، فلا يعطون من الصدقات المفروضات وإن كانوا محتاجين وغارمين وهم أهل الشعب وهم صلبية
بني هاشم وبني المطلب ولا تحرم عليهم صدقة التطوع ، وروي عن
جعفر بن محمد عن أبيه أنه كان يشرب من سقايات بين
مكة والمدينة ، فقلت له أتشرب من الصدقة ؟ فقال : إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة وقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - الهدية من صدقة تصدق بها على
nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة ، وذلك أنها من
nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة تطوع لا صدقة " .
قال
الماوردي : وجملته أن الناس في صدقتي الفرض والتطوع ينقسمون ثلاثة أقسام : منهم من تحرم عليه صدقة الفرض والتطوع ، ومنهم من تحل له الصدقتان جميعا ، ومنهم من تحرم عليه صدقة الفرض دون التطوع .
فأما من تحرم عليه صدقة الفرض والتطوع فهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رفع الله تعالى من قدره وفضله على جميع خلقه .
روى
أبو رافع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923797إنا لا تحل لنا الصدقة .
وروى
أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجد تمرة وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923798لولا أخاف أن تكون صدقة لأكلتها .
وروي
nindex.php?page=hadith&LINKID=923799أن سلمان الفارسي حمل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - طبقا من رطب فقال : ما هذا ؟ قال : صدقة ، قال : " إنا لا تحل لنا الصدقة " . فحمل إليه طبقا آخر فقال : " ما هذا " ؟ قال : هدية . قال : " إنا نقبل الهدية ونكافئ عليها .
[ ص: 539 ] وإذا ثبت هذا فقد كان يمتنع من صدقة الفرض تحريما وفي امتناعه من صدقة التطوع قولان :
أحدهما : أنه كان يمتنع منها تحريما كالفرض ، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل من لحم تصدق به على
nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة وقال :
هو لها صدقة ولنا هدية . وصدقات اللحوم
بالمدينة كانت من ضحايا تطوع غير واجبة .
والقول الثاني : أنه كان يمتنع منها تنزيها لا تحريما : لأنه قد كان يصلي في المساجد وهي صدقات ويشرب من
بئر رومة بالمدينة وبئر
زمزم بمكة وهما صدقتان .
وقال
أبو علي بن أبي هريرة : ما كان من صدقات التطوع على الأعيان كانت محرمة عليه ، وما كان منها مسألة على الكافة لم تحرم عليه مثل صلاته في المساجد وشربه من الآبار .
والذي أراه عندي أصح أن ما كان منها أموالا مقومة كانت عليه محرمة وما لم تكن أموالا مقومة كانت له مباحة ؛ فعلى هذا كانت صلاته في المساجد وشربه من
بئر رومة وزمزم ، ولو كانت الصدقة المسيلة ثمارا لا تحل له ، وعلى قول
ابن أبي هريرة تحل له .