الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما القسم الثاني الذي لا يجب فيه الضمان على الدافع ، سواء كان إماما أو مالكا فهو أن يدفعها إلى من يستحقها بسبب يستحدثه كابن السبيل والغازي ، فلا يسافر ابن السبيل ولا يغزو الغازي ، فلا ضمان على الدافع : لأنه لم يكن منه تفريط في الدفع ، سواء كان إماما أو مالكا : لأن بالدفع قد سقطت الزكاة عن رب المال من غير أن يكون مراعا بإحداث سفر أو جهاد ، لكن على الدافع مطالبة المدفوع إليه ، فإن كان عام الزكاة باقيا خيره في المطالبة بين رد ما أخذه وبين أن يستأنف سفرا وغزوا ، وإن كان عام الزكاة قد انقضى طالبه بالرد من غير تخيير : لأن زكاة كل عام مستحقة لأهلها في ذلك العام لا في غيره ، فإن لم يسترجع منه حتى سافر وغزا في العام الثاني نظر ، فإن كان قد أخذ في العام الثاني من زكاة ثانية استرجع منه ما أخذه في العام الأول : لأنه قد أخذ في العام الثاني ما استحقه بسفره وغزوه ، وإن كان لم يأخذ في العام الثاني من زكاة ثانية يسترجع منه ما أخذه في العام الأول وكانت بمثابة زكاة أخرت من عام إلى عام ، فإنها تقع موقع الإجزاء ، وإن كره التأخير مع إمكان التعجيل ، فلو مات المدفوع إليه قبل السفر والغزو ولم يكن استرجاع ما أخذ ، كان ذلك تالفا في حق أهل السهمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية