فصل : وأما الضرب الثاني وهو أن يكون غير مستحق لها مع الفقر لسبب يمنع من
[ ص: 545 ] جواز الأخذ
كفقير دفعت إليه وظاهره الحرية فبان عبدا ، أو كان
ظاهره الإسلام فبان كافرا ، أو كان
ظاهره أنه في سائر الناس فبان في ذوي القربى من بني هاشم وبني المطلب رضوان الله عليهم ، فإن كان الدافع لم يجتهد في الآخذ لها عند الدفع ، فعليه الضمان واليا كان أو مالكا ، وإن كان قد اجتهد فقد اختلف أصحابنا في ذلك على طريقتين :
أحدهما : أن الخطأ في ذلك كالخطأ في الفقير ، فلا يضمن إن كان واليا ، وفي ضمانه إن يكن مالكا قولان ، فهذه طريقة كثير من المتقدمين .
والطريقة الثانية : أن الخطأ في هذا أخص بالضمان من الخطأ في الفقير ؛ فيضمن الدافع إن كان مالكا ، وفي ضمانه إن كان واليا قولان ، وهذه طريقة
أبي علي بن أبي هريرة وطائفة من المتأخرين ، وفرقوا بين الخطأ في الفقير وبين الخطأ في الحرية والإسلام بأنه لا يعلم يقين الفقر قطعا ، فجاز أن يعمل فيه على الظاهر . ويعلم يقين الحرية والإسلام قطعا فلم يجز أن يعمل فيه على الظاهر .
مثاله : أن من صلى خلف جنب أو محدث لم يعد صلاته : لأنه لا يعلم يقين طهارة إمامه قطعا ، فإذا عمل فيها على الظاهر لم يعد ، ولو صلى خلف امرأة أو كافر أعاد : لأنه قد يعلم يقين كون إمامه رجلا مسلما ، فإذا عمل على الظاهر أعاد .
وسوى
أبو حنيفة بين خطأ الوالي والمالك ، وفرق بين الخطأ في الفقير وبين الخطأ في الحرية والإسلام الذي قدمناه ، وفيما مضى دليل كاف .