مسألة : قال
الشافعي : " ويعطى الولاة
زكاة الأموال الظاهرة الثمرة والزرع والمعدن والماشية ، فإن لم يأت الولاة لم يسع أهلها إلا قسمها ، فإن جاء الولاة بعد ذلك لم يأخذوهم بها وإن ارتابوا بأحد ، فلا بأس أن يحلفوه بالله لقد قسمها في أهلها ، وإن أعطوهم زكاة التجارات والفطر والركاز أجزأهم إن شاء الله " .
قال
الماوردي : قد ذكرنا أن الأموال ضربان : ظاهرة كالثمار والزروع والمواشي ، وباطنة كالدراهم والدنانير وعروض التجارات والركاز وزكاة الفطر ، فما كان منها باطنا لم يلزمه دفع زكاته إلى الإمام وجاز لأربابها أن يتولوا إخراجها وقسمها في أصلها وإن دفعوها إلى الولاة جاز وما كان منها ظاهرا ففيها قولان :
أحدهما وهو قوله في الجديد أنها كالباطنة يجوز لأهلها أن يتولوا إخراج زكاتها ولا يلزمهم دفعها إلى الإمام .
والقول الثاني : أن عليهم دفع زكاتها إلى الإمام أو عامله عليها ولا يجوز لأربابها أن يتولوا إخراجها بأنفسهم مع القدرة على دفعها إلى الإمام أو عامله عليها ، وبه قال
مالك وأبو حنيفة وقد مضى توجيه القولين .
[ ص: 546 ] فإن
تأخر الإمام وعامله وتعذر على أرباب الأموال دفع زكاتهم إليه فهل لهم على القول القديم إخراجها بأنفسهم أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يجوز وتكون محبوسة عليه حتى يأتي فيتولى إخراجها : لأن من استحق قدر مال لم يجز أن يدفع إلى غيره لتأخره كالديون .
والوجه الثاني وهو ظاهر نصه في هذا الموضع يجب على أهلها تعجيل إخراجها بأنفسهم إذا تأخر الوالي عنهم : لأنه مستحق لجهات يمكن إيصاله إليها والوالي نائب ، وتأخر الوالي النائب لا يوجب تأخر الحق كالوالي والوكيل ، فإذا أخرجها أربابها عند تأخر الوالي ، ثم حضر فأخبروه بإخراجها فالقول قولهم وله إحلافهم إن استراب بهم وفي هذه اليمين وجهان :
أحدهما : أنها مستحقة ، فإن نكلوا عنها لم تؤخذ منهم الزكاة .
والثاني : أنها واجبة ، فإن نكلوا عنها أخذت منهم الزكاة بالوجوب المتقدم لا بالنكول ، وقد مضى تعليل ذلك في كتاب الزكاة .