مسألة : قال
الشافعي : وقال الله تعالى
وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين [ الأحزاب : 50 ] .
قال
الماوردي : وهذا
مما خص به رسول الله صلى الله عليه وسلم في النكاح تخفيفا أن ينكح بلفظ الهبة : لأن
الشافعي بدأ بذكر ما خص به في النكاح تغليظا ، وذلك في ثلاثة أشياء :
وجوب التخيير ، وتحريم الطلاق ، وتحريم الاستبدال بهن .
ثم عقبه بذكر ما خص به تخفيفا ، فمن ذلك أن إباحة الله تعالى أن يملكه نكاح الحرة بلفظ الهبة من غير بدل يذكر مع العقد ، ولا يجب من بعد فيكون مخصوصا به من بين أمته من وجهين :
أحدهما : أن يملك نكاح الحرة بلفظ الهبة ، ولا يجوز ذلك لغيره من أمته .
والثاني : أن يسقط منه المهر ابتداء مع العقد ، وانتهاء فيما بعده ، وغيره من أمته يلزمه المهر فيما بعد .
وقال
أبو حنيفة : إنما اختص بسقوط المهر وحده ، وهو وأمته سواء في جواز العقد بلفظ الهبة .
وقال
سعيد بن المسيب : إنما خص بسقوط المهر ، وليس له ولا لغيره من أمته أن يعقد بلفظ الهبة ، وبه قال من الصحابة
أنس بن مالك ، وذهب إليه بعض أصحاب
الشافعي ، والدليل على تخصيصه بالأمرين ، وإن كان للكلام مع
أبو حنيفة موضع يأتي ، وقوله تعالى :
وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين [ الأحزاب : 50 ] والهبة تتميز بلفظها عقدا وسقوط المهر فيها بدلا ، وقد جعلها خالصة له من دون المؤمنين ، فلم يجز لأحد من أمته أن يشاركه في واحد من الحكمين .
وفي الآية قراءتان : إحداهما : " أن وهبت " بالفتح وهو خبر عما مضى ، والقراءة الأخرى بالكسر ، وهو شروط في المستقبل ، فاختلف العلماء ،
هل كان عند النبي صلى الله عليه وسلم امرأة وهبت له نفسها بحسب اختلافهم في هاتين القراءتين ، فمن قرأ بالكسر وجعله شرطا في المستقبل ، قال : لم يكن
[ ص: 16 ] عنده امرأة موهوبة ، وبه قال
مجاهد ، ومن قرأ بالفتح جعله خبرا عن ماض ، قال : قد كانت عنده
امرأة وهبت له نفسها ، واختلفوا فيها على أربعة أقاويل :
أحدها : أنها
أم شريك بنت جابر بن ضباب ، وكانت امرأة صالحة . وهذا قول
عروة بن الزبير .
والثاني : أنها
nindex.php?page=showalam&ids=10683خولة بنت حكيم . وهذا قول
عائشة .
والثالث : أنها
nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة بنت الحارث . وهذا قول
ابن عباس .
والرابع : أنها
nindex.php?page=showalam&ids=10771زينب بنت خزيمة أم المساكين ، امرأة من
الأنصار . وهذا قول
الشعبي ، وإذا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم من وهبت له نفسها ، أو شرط له في المستقبل أن تقبل من وهبت له نفسها خالصة من دون المؤمنين ، كان دليلا قاطعا على من خالف .
وروي عن
سهل بن سعد الساعدي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923814أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله قد وهبت نفسي منك ، فقال : ما لي في النساء من حاجة ، فلو لم يكن له أن يقبلها لأنكر عليها هبتها .