فصل :
ومما خص به النبي صلى الله عليه وسلم في مناكحه تخفيفان : أن ينكح أي عدد شاء ، وإن لم يكن لغيره من أمته أن ينكح أكثر من أربع في عقد واحد لقوله تعالى :
إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك الآية [ الأحزاب : 50 ] وأحل له من الأزواج من أتاها أجرها من غير تقدير بعدد ثم ذكر بنات عمه وعماته وخاله وخالاته من يزيد على الأربع ، فدل على اختصاصه بالإباحة من غير عدد ، وقد
جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين إحدى عشرة ومات عن تسع وكان يقسم لثمان ، ولأنه لما كان الحر لفضله على العبد يستبيح من نكاح النساء أكثر مما يستبيحه العبد : وجب أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لفضله على جميع الأمة يستبيح من النساء أكثر مما يستبيحه جميع الأمة .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923815حبب إلي من دنياكم ثلاث : النساء والطيب ، وجعل قرة عيني في الصلاة .
فاختلف أهل العلم في
معنى تحبيب النساء إليه على قولين :
أحدهما : إنه زيادة في الابتلاء والتكليف حتى لا يلهو بما حبب إليه من النساء عما
[ ص: 17 ] كلف به من أداء الرسالة ، ولا يعجز عن تحمل أثقال النبوة ، فيكون ذلك أكثر لمشاقه وأعظم لأجره .
والقول الثاني : ليكون خلواته معهن يشاهدها من نسائه : فيزول عنه ما يرميه المشركون به من أنه ساحر أو شاعر ، فيكون تحبيبهن إليه على وجه اللطف به .
وعلى القول الأول على وجه الابتلاء له ، وعلى أي القولين كان فهو له فضيلة ، وإن كان في غيره نقصا ، وهذا مما هو به مخصوص أيضا .