فصل :
ومما خص الله تعالى به نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم تفضيلا لهن وإكراما لرسوله ، أن ضاعف عليهن عقاب السيئات ، وضاعف عليهن ثواب الحسنات ، فقال تعالى :
يانساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين [ الأحزاب : 30 ] وفي الفاحشة المبينة هاهنا تأويلان :
أحدهما : الزنا . وهو قول
السدي .
والثاني : النشوز وسوء الخلق . وهو قول
ابن عباس .
وفي مضاعفة العذاب لهما ضعفين قولان لأهل العلم :
أحدهما : أنه عذاب الدنيا وعذاب الآخرة . وهو قول
قتادة .
والثاني : أنه عذابان في الدنيا لعظم جرمهن بأذية رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال
مقاتل : حدان في الدنيا غير السرقة .
[ ص: 22 ] وقال
سعيد بن جبير فجعل عذابهن ضعفين ، وعلى من قذفهن الحد ضعفين ، ولم أر
للشافعي نصا في أحد القولين ، غير أن الأشبه بظاهر كلامه إنما حدان في الدنيا ، فإن قيل في أمر مضاعفة الحد عليهن من تفضيلهن .
قيل : لأنه لما كان حد العبد نصف حد الحر لنقصه عن كمال الحر ، وجب أن يكون مضاعفة الحد عليهن من تفضيلهن على غيرهن ، ثم قال تعالى :
ومن يقنت منكن لله ورسوله [ الأحزاب : 31 ] أي يطيع الله ورسوله ، والقنوت الطاعة ثم قال :
وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما [ الأحزاب : 31 ] فضوعف لهن الأجر مرتين ، كما ضوعف عليهن العذاب ضعفين ، فصار كلا الأمرين تفضيلا لهن وزيادة في كرامتهن ، وفي
أجرها مرتين قولان لأهل العلم :
أحدها : أن كلا الأجرين في الآخرة . والثاني : أن أحدهما في الدنيا ، والثاني في الآخرة .
ويحتمل قوله
وأعتدنا لها رزقا كريما تأويلين :
أحدهما : حلالا فقد كان رزقهن من أجل الأرزاق .
والثاني : واسعا : فقد صار رزقهن بعد وفاته وفي أيام
عمر من أوسع الأرزاق .