الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما إذا نكح السفيه بغير إذن وليه فهذا على ضربين :

[ ص: 72 ] أحدهما : أن لا يكون قد أعلمه وليه ولا استأذنه فمنعه ، فنكاحه باطل : لأن ثبوت الحجر يمنع من جواز التصرف في العقد ، فعلى هذا إن لم يدخل بها فرق بينهما ، ولا شيء عليه ، وإن دخل بها فرق بينهما ، ثم ينظر فإن كانت عالمة بحجره فلا مهر عليه في حال الحجر ، ولا بعد فك الحجر ، وتصير كالمبرئة منه لعلمها بحجره . وإن لم تكن عالمة بحجره ، فليس عليه في حال الحجر دفع المهر : لأنه تصرف منع الحجر منه ، وفي لزومه له بعد فك الحجر عنه وجهان :

أحدهما : يلزمه دفعه بعد فك حجره لئلا يصير ممتنعا ببعضها من غير بدل .

والوجه الثاني : لا يلزمه دفعه بعد فكاك الحجر عنه ، كما لم يلزمه قبل فكه عنه : ليكون ماله بالحجر محفوظا عليه ، كما لم تلزمه الزيادة على مهر المثل لهذا المعنى ، وليس جهلها بحاله عذرا : لأنه قد كان يمكنها أن تستعلم فتعلم .

والضرب الثاني : أن يكون السفيه قد سأل وليه النكاح فمنعه ، واستأذنه فلم يأذن له ، ففي نكاحه وجهان :

أحدهما : باطل لتأثير الحجر في عقوده ، فعلى هذا يكون الكلام في المهر على ما مضى .

والوجه الثاني : أن النكاح جائز : لأنه حق على الولي ، فإذا منعه منه جاز أن يستوفيه بنفسه ، كالدين إذا منع صاحبه منه جاز أن يستوفيه بنفسه ، فعلى هذا يكون النكاح كالمأذون فيه ، ويدفع مهر المثل والنفقة من ماله .

التالي السابق


الخدمات العلمية