فصل : وإن كان قد
دخل بها قبل ابتياعها له ، فقد استقر لها الصداق كاملا بالدخول على الزوج ، قد ملكته فصار عبدا لها ، قبل تبرؤ الزوج منه بحدوث ملكها أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : قد برئ منه : لأن السيد لا يصح أن يثبت له في ذمة عبده مال فعلى هذا قد برئ السيد من ضمانه لبراءة المضمون عنه ، وللسيد مطالبتها بالألف الذي هو ثمن .
والوجه الثاني : أن الزوج لا يبرأ من صداقها ، وإن صار عبدا لها لاستقراره عليه قبل ملكها له ، فلم يسقط إلا بأداء أو إبراء ، وإن صار لها عبدا ، وإنما لا يثبت لها ابتداء في ذمته مال بعد أن صار لها عبدا ، فإما أن يكون الحق ثابتا فلا يمتنع أن يكون بعد الملك باقيا ، فعلى هذا لها على السيد الألف الذي هي صداقها ، وللسيد عليها الألف التي هي ثمن زوجها ، فإن كانت الألفان من نقدين مختلفين لم يصر قصاصا ، وكان عليها أن تؤدي إلى السيد الألف التي هي ثمن زوجها وعلى السيد أن يؤدي إليها الألف التي هي صداقها .
فإن قال كل واحد منهما لا أدفع ما علي حتى أقبض ما لي لم يكن ذلك له : لأنه لا تعلق لأحد المالين بالآخر ، فأيهما بدأ بالمطالبة قضي له على صاحبه بالدفع فإن تبارءا من
[ ص: 83 ] الألفين صح الإبراء ، فلو قال كل واحد منهما لصاحبه : قد أبرأتك إن أبرأتني ، لم يصح لما فيه من تقييد البراءة بشرط ، ولو قال : قد أبرأتك فأبرئني ، فهو مبرئ من حقه بغير شرط ، فصحت براءته ، وطلب إلى الآخر أن يبرئه وكان بالخيار بين أن يبرئه أو لا يبرئه ، وإن كانت الألفان من نقد واحد لا يختلف ، فكانت الألف الثمن من جنس الألف الصداق ، وعلى صفتها ، فهل يصير ذلك قصاصا أم لا ؟ على أربعة أقاويل :
أحدها : أن يصير قصاصا اختارا أو لم يختارا ، فعلى هذا قد برئ كل واحد منهما من حق صاحبه .
والقول الثاني : أن يصير قصاصا إن اختارا أو أحدهما ، ولا تصير قصاصا إن لم يختر واحد منهما .
والثالث : أنه يصير قصاصا إن اختاراه معا ، ولا يكون قصاصا إن اختاره أحدهما .
والرابع : - وهو مخرج - : أن لا يصير قصاصا بحال وإن اختاراه ، وعلى كل واحد منهما أن يؤتي إلى صاحبه ماله ويستوفي منه ما عليه .
ووجه هذه الأقاويل يذكر في موضعه من كتاب المكاتب إن شاء الله .