الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما القسم الخامس : وهو أن يسبق أحدهما الآخر ويدعي كل واحد من الزوجين أنه هو السابق ، فإن كان لأحدهما بينة عمل عليها وحكم بها ، فإن كان الولي العاقد أحد الشاهدين لم تقبل : لأنه شهد على فعل نفسه ، ولو كان ولي العقد الآخر شاهدا في هذا العقد قبل ، وإن لم يكن لكل واحد من الزوجين بينة فلا يخلو حالهما من أحد أمرين .

إما أن يدعيا علمهما بأسبقهما عقدا ، أو لا يدعياه لغيبتهما عن العقد وجهلهما بالأسبق ، تحالف الزوجان دون الوليين : لأنهما المتداعيان ، ولا يراعى تصديق الوليين ، فإن حلف الزوجان انفسخ النكاحان . وهل ينفسخان بنفس التحالف أو بفسخ الحاكم بينهما ؟ على وجهين مضيا في البيوع . وإن نكل الزوجان عن اليمين فسخ الحاكم نكاحهما ، ولم ينفسخ إلا بحكمه وجها واحدا : لأن نكول الناكل لا يمنع أن يكون محقا في دعواه ، فلم يمنع بنكوله فسخ حتى يحكم به الحاكم . فإن حلف أحدهما ونكل الآخر ، قضى بالنكاح للحالف منهما دون الناكل . فإن دخل بها الناكل نظر حال دخوله : فإن كان بعد نكوله أو يمين صاحبه ، فهو زان بحد ، ولا يلحق به الولد ولا تجب عليها العدة .

أما المرأة : فإن علمت بحال الناكل عند تمكينه من نفسها ، فهي زانية تحد ولا مهر لها ، وإن لم تعلم ، فلا حد عليها ولها مهر مثلها . وإن كان الناكل قد دخل بها قبل نكوله ويمين صاحبه ، فلا حد عليه ولا عليها : لبقاء شبهته في النكاح وعليه مهر مثلها وعليها العدة ، وإن جاءت بولد لحق به وهي محرمة على الحالف حتى تقضي عدة الناكل ، ولا نفقة لها في زمان العدة على واحد منهما . أما الحالف فلأنها محرمة عليه وإن كانت زوجته لاعتدادها من غيره ، وأما الناكل فلأنها ليست زوجته ، وإن كانت معتدة منه إلا أن تكون حاملا فهل يلزمه نفقتها أم لا ؟ على قولين .

التالي السابق


الخدمات العلمية