مسألة : قال
الشافعي : "
ويزوج الأب أو الجد الابنة التي يؤيس من عقلها : لأن لها فيه عفافا وغنى ، وربما كان شفاء ، وسواء كانت بكرا أو ثيبا " .
قال
الماوردي : وهذه المسألة قد مضت فيما قدمناه من التقسيم ، فإذا كانت مجنونة لم يخل حالها من أحد أمرين :
إما أن تكون بكرا أو ثيبا ، فإن كانت بكرا : زوجها أبوها أو جدها ، صغيرة كانت أو كبيرة : لأن للأب إجبار البكر في حال العقل ، فكان أولى أن يجبرها في حال الجنون ، فإن لم يكن لها أب ولا جد نظر ، فإن كانت صغيرة لم يكن لأحد أوليائها ولا الحاكم أن يزوجها حتى تبلغ ، فإذا بلغت زوجها الحاكم دون عصبتها المناسبين : لاختصاصه بفضل النظر في الولاية
[ ص: 131 ] على مالها ، فإن كانت ثيبا ، نظر : فإن كانت كبيرة زوجها أبوها أو جدها ، فإن لم يكن لها أب ولا جد زوجها الحاكم دون سائر العصبات ، وإن كانت صغيرة ثيبا فليس لغير الأب أو الجد تزويجها حتى تبلغ .
وهل للأب والجد تزويجها قبل البلوغ أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يجوز حتى تبلغ : لأنه لا حاجة بها إلى الزوج قبل البلوغ . وهذا قول
أبي علي بن أبي هريرة .
والوجه الثاني : أنه يجوز تزويجها قبل البلوغ ، بخلاف العاقلة التي يجري صحة إذنها بالبلوغ ، ولا يجري صحة إذن المجنونة بعد البلوغ ، فافترقا .
فأما قوله : فإن لها فيه عفافا وغنى وربما كان شفاء . فهذا تعليل بجواز تزويج البالغ المجنونة ، فأما العفاف فيريد به من الزنا ، وأما الغنى فتغنى باكتساب المهر والنفقة ، وأما الشفاء فربما كان من شدة المانخوليا وقوة الشبق ، فتبرأ إن جومعت ، والله أعلم .