فصل : قال
الشافعي : "
ولا يبرئ زوجها من درهم من مالها " وهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون من غير الصداق ، فلا يجوز للأب أن يبرئ منه .
والثاني : صداقا ، فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون قد دخل لها فلا يجوز للأب أن يبرئ منه : لأنه كسائر أموالها .
والضرب الثاني : أن لا يكون قد دخل بها فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون على الزوجية لم يطلق فلا يجوز للأب أن يبرئ منه .
والثاني : أن يكون قد طلقت ففي جواز إبراء الأب منه قولان مبنيان على اختلاف قوليه في الذي بيده عقدة النكاح :
أحدهما - وهو قوله في القديم ، وبه قال
مالك - : أنه الأب ، فعلى هذا يجوز للأب والجد دون غيرهما من الأولياء أن يبرأ من صداقها .
والقول الثاني - قاله في الجديد - : وبه قال
أبو حنيفة : أنه الزوج ، فعلى هذا لا يجوز للأب والجد أن يبرآ منه ، كما لا يجوز لغيرهما من الأولياء أن يبرآ شيئا من صداقها كما لم يجز أن يبرأ من غير الصداق من سائر أموالها ، فأما الخلع فعلى ظاهر قوله أنه لا يجوز ، وكان بعض أصحابنا يخرج من هذا القول وجها آخر أنه يجوز للأب أن يخالع عنها بصداقها : لأنه لما جاز الإبراء منه على غير بدل كان جوازه على بدل أولى ، وهذا جمع فاسد .
والفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : إن الإبراء مجوز بعد الطلاق ، وفي الخلع يكون مبرأ منه قبل الطلاق .
والثاني : إن في الإبراء ترغيبا للأزواج فيها ، وفي الخلع تزهيدا فيها ، فاختلف المعنى فيهما ، فافترقا والله أعلم .