مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : "
وأمة العبد المأذون له في التجارة ممنوعة من السيد حتى يقضي دينا إن كان عليه ويحدث له حجرا ثم هي أمته ، ولو أراد السيد أن يزوجها دون العبد ، أو العبد دون السيد ، لم يكن ذلك لواحد منهما " .
قال
الماوردي : اعلم أن ما في يد العبد المأذون له في التجارة كالمرهون على ما في ذمته من ديون معاملاته : لضعف ذمته بالرق ، فصار ما في يده مستحقا في ديونه ، ولو
اشترى أمة من مال التجارة ، لم يكن للعبد وطؤها بحال : لأن العبد لا يملكها ، فأما السيد إذا أراد وطأها ، فإن كان على العبد دين من معاملاته ، فالسيد ممنوع من وطئها لتعلق دينه بها ، كما يمنع من وطء المرهونة لما يفضي إليه وطؤها من الإحبال الذي ربما أدى إلى التلف ، وكذلك يمنع من تزويجها لإفضائه إلى نقصان ثمنها ، وسواء كان الدين الباقي من ثمنها أو من ثمن غيرها إلا أن يكون من قيمة متلف فتعلق برقبته ولا يتعلق بما في يده ، فإن قضى العبد جميع ديونه أو قضاها السيد عنه ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن العبد للسيد أن يعيد الحجر عليه ، ويمنعه من التجارة ، فيجوز للسيد حينئذ أن يطأ الأمة التي اشتراها العبد ، وأن يزوجها إن شاء ، وليس للعبد أن يزوجها بغير إذن السيد ، وهل يجوز له تزويجها بإذنه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يجوز : لأن الرق يمنع من ولاية النكاح .
والثاني : يجوز : لأن الرق يمنع من استحقاق الولاية بنفسه ولا يمنع من النيابة عن غيره كسائر العقود .
والضرب الثاني : أن لا يعيد الحجر عليه بعد قضاء دينه ففي جواز وطء السيد لها وتزويجه إياها وجهان :
أحدهما - وهو الأصح - : يجوز له : لزوال ما تعلق بها من حق .
والوجه الثاني : لا يجوز ، وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : لأنه لا يأمن أن يغتر الناس بالإذن المتقدم ، فيعاملونه على ما في يده حتى يتعلق الحجر ويظهر الرجوع .