فصل : فإذا صح ما ذكرنا من صفة العقد وكيفيته فلتمامه وإبرامه ثلاثة شروط :
أحدها :
أن يكون قبول الزوج على الفور من بذل الولي ، فإن تراخى ما بينهما بسكوت وإن قل لم يصح العقد ، إلا أن يكون لبلع ريق أو انقطاع نفس ، فيصح العقد ، وإن تخللته هذه السكتة : لأنه لا يمكن الاحتراز منها .
والشرط الثاني :
أن لا يكون بين بذل الولي وقبول الزوج كلام ليس بذلا ولا قبولا ، فإن تخلل بينهما كلام ليس منهما لم يصح العقد : لأن خروجهما إلى غيره من الكلام قطع لحكم ما تقدم ، ولكن لو
قال الولي : قد زوجتك بنتي فاقبل النكاح مني ، لم يكن هذا قطعا لحكم بذله : لأنه حث منه على القبول ، وهكذا لو
قال : قد زوجتك بنتي ، فقل لي قد قبلت نكاحها ، لم يكن قطعا لحكم بذله : لأنه تفسير لقوله " فاقبل النكاح مني " فأما إذا قال :
قد زوجتك بنتي فأحسن إليها أو قال فاستوصي بها خيرا ، كان هذا قطعا لبذله : لأنها وصية لا تتعلق بالبذل ولا بالقبول ، ولكن لو
قال : قد زوجتكها على ما أمر الله تعالى به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، صح العقد ، ولم يكن ذلك قطعا : لأنه ، وإن تضمن صفة الوصية ، فهو بيان لحكم البذل والقبول .
والشرط الثالث : أن يكون الولي عند قبول الزوج من أهل العقد ، فإن
قبل الزوج وقد مات الولي أو جن أو أغمي عليه لم يصح العقد : لبطلان بذله بخروجه من أهل العقد .
فإذا تكاملت شروط العقد على ما وصفنا فقد انعقد بإجزاء لا يثبت فيه لواحد من الزوجين خيار المجلس بالعقد ، ولا خيار الثلاث بالشرط بخلاف البيع : لأن الخيار موضوع لاستدراك المعاينة في الأعواض ، وليس النكاح من عقود المعاوضات لجوازه مع الإخلال بذكر العوض من الصداق ، فإن شرط فيه خيار الثلاث أبطله .
وقال
أبو حنيفة : يبطل الخيار ، ولا يبطل النكاح .
وهذا خطأ : لأن الشروط المنافية للعقود تبطلها كالشروط في سائر العقود ، والله أعلم .