[ ص: 166 ] باب ما يحل من الحرائر ويحرم ، ولا يتسرى العبد وغير ذلك ، من الجامع من كتاب النكاح وكتاب
ابن أبي ليلى ، والرجل يقتل أمته ولها زوج
قال
الشافعي : " انتهى الله تعالى بالحرائر إلى أربع تحريما :
لئلا يجمع أحد غير النبي صلى الله عليه وسلم بين أكثر من أربع " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال .
أكثر ما يحل للحر نكاح أربع لا يجوز له الزيادة عليهن . وهو قول سائر الفقهاء .
وحكي عن
القاسم بن إبراهيم ومن نسب إلى مقالته من
القاسمية وطائفة من
الزائدية : أنه يحل له نكاح تسع : استدلالا بقوله تعالى :
فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع [ النساء : 3 ] بواو الجمع ، والمثنى مبدل من اثنين ، والثلاث مبدل من ثلاث ، والرباع مبدل من أربع ، فصار مجموع الاثنين والثلاث والأربع تسعا ، ولما روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=923907أن النبي صلى الله عليه وسلم مات عن تسع والله - تعالى - يقول :
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة [ الأحزاب : 21 ] ولأنه لما ساوى رسول الله صلى الله عليه وسلم سائر أمته فيما يستبيحه من الإماء وجب أن يساويهم في حرائر النساء .
ودليلنا قوله تعالى :
فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع [ النساء : 3 ] . وفيه دليلان :
أحدهما : أنه ما خرج هذا المخرج من الأعداد ، كان المراد به أفرادها دون مجموعها لأمرين :
أحدهما : أنه لما كان المراد بقوله في صفة الملائكة :
أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع [ فاطر : 1 ] إفراد هذه الأعداد ، وإن منهم من له جناح ، وإن منهم من له جناحان ، ومنهم من له ثلاثة ، ومنهم من له أربعة ، وجب أن يكون في عدد النكاح كذلك .
والثاني : أن أهل اللغة أجمعوا فيمن قال : قد جاءني الناس مثنى وثلاث ورباع : أن مفهوم كلامه أنهم جاءوا على إفراد هذه الأعداد اثنين اثنين ، وثلاثة ثلاثة ، وأربعة أربعة ، ولم يرد بمجموعها تسعة ، فكذلك مفهوم الآية .
والدليل الثاني : معنى الآية أن " الواو " التي فيها ليست واو جمع ، وإنما هي واو تخيير بمعنى أو ، وتقدير الكلام مثنى أو ثلاث أو رباع ، وإنما كان كذلك لأمرين :
أحدهما : أن ذكر التسعة بلفظهما أبلغ في الاختصار ، وأقرب إلى الأفهام من ذكرها بهذا العدد المشكل الذي لا يفيد تفريقه .
[ ص: 167 ] والثاني : قوله بعد ذلك :
فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم [ النساء : 3 ] . ولو كان المراد تسعا ولم يرد اثنين على الانفراد : لقال : فإن خفتم ألا تعدلوا فثمان : ليعدل عن التسع إلى أقرب الأعداد إليهم لا لأبعده منهم : لأنه قد لا يقدر على العدل في تسع ويقدر على العدل في ثمان ، ولو كان على ما قالوه لكان من عجز عن العدل في تسع حرم عليه أن ينكح إلا واحدة ، ولما جاز له اثنتان ولا ثلاث ولا أربع .
وهذا مدفوع بالإجماع ، ثم الدليل مع نص السنة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923908أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم ، ومعه عشر نسوة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أمسك أربعا وفارق سائرهن وأسلم نوفل بن معاوية ، وأسلم معه خمس فقال له النبي : أمسك أربعا وفارق واحدة ولأنه ما جمع في الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد تقييدا بفعله بين أكثر من أربع مع رغبتهم في الاستكثار وحرصهم على طلب الأولاد ، وأنهم قد استكثروا من الإماء واقتصروا على أربع من النساء ، فدل ذلك من إجماعهم على حظر ما عداه ، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد خص في النكاح بما حرم على سائر أمته : لأنه قد أبيح له النساء من غير عدد محصور ، وما أبيح للأمة إلا عدد محصور ، وليس وإن مات من تسع يجب أن يكون هي العدد المحصور ، فقد جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين إحدى عشرة ، ومات عن تسع ، وكان يقسم لثمان .
وأما الإماء فلم يحصرن بعدد ممكن على الإطلاق .