مسألة : قال
الشافعي - رضي الله عنه - : " ولا يحل أن يتسرى العبد ولا من لم تكمل فيه الحرية بحال " .
قال
الماوردي : أما
التسري فهو الاستمتاع بالأمة : لأنها تسمى إذا كانت من ذوات المتع سرية ، وفي تسميتها بذلك تأويلان :
أحدهما : أنه مأخوذ من السر وهو الجماع : لأنه المقصود من الاستمتاع .
والثاني : أنه مأخوذ من السرور : لأنها تسر المستمتع بها .
فأما تسري العبد فقد مضى الكلام فيه ، وكذلك حكم
المدبر والمخارج والمعتق على صفة لم توجد والمكاتب ، فأما
من تبعضت فيه الحرية والرق ، فكان نصفه حرا ونصفه مملوكا ، فهو يملك بعضه الحر من إكسابه مثل ما يملكه السيد بنصفه المملوك ، فإن هايأه السيد على يوم ويوم ، كان ما كسبه في يومه ملكا له ، وما كسبه في يوم سيده ملكا لسيده ، وإن لم يهايئه كان نصف ما كسبه العبد في كل يوم ملكا لنفسه ، ونصفه ملكا للسيد ، فإذا
اشترى بما ملكه من كسبه أمة ملكها ملكا مستقرا : لأنه ملك بحريته بتمليك سيده لكن ليس له وطئها بغير إذن سيده ، وإن ملكها لأمرين :
أحدهما : أن أحكام الرق عليه أغلب في جميع أحكامه ، فكذلك في تسريه .
والثاني : أن الحرية لا تتميز في أعضائه من الرق ، فكل عضو منه مشترك الحرية والرق ، فلم يجز أن يطأ بعضو بعضه مرقوق للسيد إلا بإذنه ، كما لو كان جميعه مرقوقا ، فإذا ثبت هذا ، فالشرط في إباحة تسريه إذن السيد دون تمليكه ، وإن افتقر في العبد إلى تمليكه وإذنه : لأن هذا مالك فلم يفتقر إلى تمليكه ، والعبد غير مالك فافتقر إلى تمليكه ، فإذا أذن له جاز تسريه ،
فإن أولدها صارت له أم ولد وحرم بيعها بكل حال : لأنها ملكت بحريته فجرى عليها حكم أمهات الأولاد ، وكان أولاده منها أحرارا : لاختصاصهم بحريته دون رقه .