مسألة : قال
الشافعي : " وما حرم من النسب حرم من الرضاع " .
قال
الماوردي : وأما
المحرمات بالرضاع ، فذكر الله تعالى اثنتين : الأمهات والأخوات ، بقوله تعالى :
وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة فاحتمل أن يكون التحريم بالرضاع مقصورا عليهما ، كما قال
داود وقوفا على النص ، واحتمل أن يكون متعديا عنهما إلى غيرهما كذوات الأنساب ، ولما روت
عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923925يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة . وروي غيرها عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923926يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وجب إجراء الرضاع في التحريم على حكم النسب ، فيحرم بالرضاع سبع كما يحرم بالنسب الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت .
وبيان ذلك أن
المرأة إذا أرضعت ولدا بلبن من زوج ، فالولد المرضع ابن لها وللزوج : لأن اللبن حادث عنها بسبب ينتسب إلى الزوج ، فاقتضى أن يكون المرضع ابنا لها كالمولود منهما ، وإذا كان كذلك كانت المرضعة أما له ، وكان أمهاتها جداته من أم ، وأباؤها أجداده من أم ، وبناتها أخواتها من أم ، وإخوتها أخواله من أم ، وأخواتها خالاته من أم ، وكان الزوج أبا له ، وآباؤه
[ ص: 199 ] أجداده من أب ، وأمهاته جداته من أب ، وبنوه إخوته من أب ، وإخوته أعمامه ، وأخواته عماته ، كذلك على ترتيب الأنساب ، فيكون على ما ذكرنا من الأحكام ، فتصير المحرمات بالرضاع سبعا ، كما كان المحرمات بالأنساب سبعا ، ويتفرع عليهن من ذكرنا من المتفرعات على المناسبات ، فتكون أخت الأب من الرضاع عمته محرمة ، سواء كانت أختا من نسب أو رضاع ، وكذلك أخت الجد من الرضاع وآبائه محرمة كالعمة ، سواء كانت أختا من نسب أو رضاع ، وهل يحرم باسم العمة أو بمعناها ؟ على ما ذكرنا من الوجهين وتكون أخت الأم من الرضاع خالة محرمة ، سواء كانت أختا بنسب أو رضاع ، وكذلك أخت الجدة وأمها كالخالة في التحريم سواء كانت أختا من نسب أو رضاع ، وهل يحرم باسم الخالة أو بمعناها على ما مضى من الوجهين ، وعلى هذا يكون حكم سائر القرابات من الرضاع يحمل على حكم القرابات من النسب ، فلو
وطئ الرجل أمه من الرضاع بعقد نكاح حد ، وإن كان بملك يمين فعلى قولين ، وفي الأم المناسبة يحد قولا واحدا ، وإن كان من ملكها : لأنها تعتق عليه بالملك ، فارتفعت شبهته بزوال الملك فحد ، والأم المرضعة لا تعتق بالملك ، فكانت شبهته باقية مع بقاء الملك فلم يحد في أحد القولين ، وهكذا لو
وطئ أخته من الرضاع أو خالته أو عمته من الرضاع بعقد حد ، وإن كان بملك يمين فعلى ضربين ، ما مضى من القولين ، والولد يلحق إذا كان وطأه لواحدة من هؤلاء بملك يمين قولا واحدا .