مسألة : قال
الشافعي : "
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها ، ونهى
عمر رضي الله عنه عن
الأم وابنتها من ملك اليمين ، وقال
ابن عمر : وددت أن
عمر كان في ذلك أشد مما هو ، ونهت عن ذلك
عائشة ، وقال
عثمان في جمع الأختين : أما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك ، فقال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : لو كان إلي من الأمر شيء ثم وجدت رجلا يفعل ذلك لجعلته نكالا ، قال
الزهري أراه
علي بن أبي طالب " .
[ ص: 204 ] قال
الماوردي : وهذا كما قال ،
الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها حرام بعقد النكاح وملك اليمين ، كالجمع بين أختين . وهو قول الجمهور .
وحكي عن
الخوارج وعثمان البتي أنه لا يحرم الجمع بينهما في نكاح ولا ملك يمين ، وحرم
داود الجمع بينهما في النكاح دون ملك اليمين ، فأما
داود فقد مضى الكلام معه في الجمع بعد الأختين ، وأما
البتي والخوارج فاستدلوا بأن تحريم المناكح مأخوذ من نص الكتاب دون السنة ، ولم يرد الكتاب بذلك ، فلم يحرم .
وهذا خطأ : لأن كل ما جاءت به السنة يجب العمل به ، كما يلزم بما جاء به الكتاب : قال الله تعالى :
وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى [ النجم : 3 ، 4 ] .
وقد جاءت السنة بما رواه
مالك عن
أبي الزناد عن
الأعرج عن
أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923928لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها .
وروى
داود بن أبي هند ، عن
الشعبي ، عن
أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923929لا تنكح المرأة على عمتها ، ولا العمة على بنت أخيها ، ولا تنكح المرأة على خالتها ، ولا الخالة على بنت أختها ، ولا تنكح الصغرى على الكبرى ، ولا الكبرى على الصغرى .
وهذان الحديثان نص ، والثاني أكمل ، وهما وإن كانا خبري واحد فقد تلقته الأمة بالقبول ، وعمل به الجمهور ، فصار بأخبار التواتر أشبه ، فلزم
الخوارج العمل به ، وإن لم يلتزموا أخبار الآحاد ، ولأن الأختين يحرم الجمع بينهما : لأن إحداهما لو كان رجلا حرم عليه نكاح أخته كذلك المرأة وخالتها وعمتها يحرم الجمع بينهما : لأنه لو كان إحداهما رجلا حرم عليه نكاح عمته وخالته .
فأما
الجمع بين المرأة وبين بنت عمتها ، أو بينها وبين بنت عمها فيجوز ، وكذلك
الجمع بين المرأة وبنت خالتها ، أو بينها وبين بنت خالها فيجوز : لأن إحداهما لو كان رجلا لجاز أن يتزوج بنت عمه ، وبنت عمته ، وبنت خاله ، وبنت خالته ، وهذا هو أصل في تحريم الجمع وإخلاله بين ذوات الأنساب ، وبهذا المعنى حرمنا عليه
الجمع بين المرأة وعمة أبيها وعمة أمها ،
وبينها وبين خالة أبيها وخالة أمها : لأن أحدهما لو كان رجلا حرم عليه نكاح الأخرى ، والله أعلم .