الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا تقررت هذه المقدمة ، وأن تحريم الجمع يختص به ذوات المحارم من نسب أو رضاع كالأخوات والعمات والخالات ، فنكح الرجل أختين أو امرأة وخالتها وعمتها ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أنه يعقد عليهما معا في عقد واحد ، فنكاحهما باطل : لأنه لما حرم الجمع بينهما ، ولم يتعين المختصة بالصحة منهما ، وجب بطلان العقد عليهما : لتساويهما ، وسواء دخل بأحدها أو لم يدخل ، وهو بالخيار بين أن يستأنف العقد على أيهما شاء ، فإن عقد على التي دخل بها سقط ما عليها من عدة إصابته ، وإن عقد على غير المدخول بها صح عقده ، ويستبيح أن يمسك عن إصابتها حتى تنقضي عدة أختها من إصابته لئلا يجتمع ماؤه في أختين .

والضرب الثاني : أن يعقد عليهما ثانية بعد أولى ، فنكاح الأولى ثابت ، ونكاح الثانية باطل : لاستقرار العقد على الأولى قبل الجمع ، فلو شك في أيتهما نكح أولا ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يطرأ الشك بعد تقدم اليقين فنكاحهما موقوف ، وإحداهما زوجة مجهولة العين والأخرى أجنبية ، وكل واحدة منهما ممنوعة منه ومن غيره من الأزواج حتى يبين أمرها ، فإن صرح بطلاق إحداهما حلت لغيره ، وكان تحريمها عليه بحالة ، والأخرى على التحريم ، فإن استأنف عليها عقدا حلت له .

والضرب الثاني : أن يكون الشك مع ابتداء العقد لم يتقدمه يقين ، فنكاحها باطل لا يوقف على البيان لعدمه ، وهل يفتقر بطلانه إلى فسخ الحاكم أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : يفتقر ويكون الإشكال والاشتباه باطلا : لأن ما لم يتميز إباحته من الحظر غلب عليه حكم الحظر .

[ ص: 206 ] والوجه الثاني : أنه لا ينفسخ إلا بحكم حاكم : لأن العلم محيط بأن فيهما زوجة ، فلم يكن الجهل بها موجبا لفسخ نكاحها حتى يتولاه من له مدخل في فسخ النكاح ، وهو الحاكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية