مسألة : قال
الشافعي :
" ويمنعها من شرب الخمر وأكل الخنزير إذا كان يتقذر به ، ومن أكل ما يحل إذا تأذى بريحه " .
قال
الماوردي : أما الذمية ، فللزوج أن يمنعها أن تشرب الخمر والنبيذ وما يسكرها : لأمرين :
أحدهما : ربما أنه خاف على نفسه من سكرها .
والثاني : أنه قد ربما منعته في السكر من الاستمتاع بها ، فصار بكل واحد من الأمرين غير ممكن من الاستمتاع ، فلذلك جاز أن يمنعها منه قولا واحدا ، فأما
إن أرادت أن تشرب من الخمر والنبيذ ما لا يسكرها ، فقد اختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أوجه :
أحدها - وهو قول
أبي علي بن أبي هريرة - : إن له منعها من يسيره الذي لا يسكر ، كما يمنعها من كثيره الذي يسكر : لأن حد المسكر منه غير معلوم ، وربما أسكرها اليسير ، ولم يسكرها الكثير : لأن السكر يختلف باختلاف الأمزجة والأهوية ، فالمحرور يسكره القليل ، والمرطوب لا يسكره إلا الكثير ، وإذا برد الهواء واشتد أسكر القليل ، وإذا حمي الهواء لم يسكر إلا الكثير ، فلم يجز مع اختلافه أن يغترف حال قليله وكثيره .
والثاني - وهو قول
أبي حامد الإسفراييني - : لما لم يذكر أمارة تدل على أن الزيادة بعدها مسكرة ، وهذا القدر لا يمنع من الاستمتاع ، ولكن ربما عافته نفوس المسلمين ، لا سيما من قوي دينه ، وكثر تحرجه ، فيصير مانعا له من كمال الاستمتاع ، فيحرم جواز منعها منه على قولين .
[ ص: 230 ] والثالث : ليس له منعها من شرب القليل الذي يرون شربه في أعيادهم عبادة ، وله أن يمنعها من الزيادة عليه سواء أسكر ، أو لم يسكر ، مراعاة فيه العبادة ، ولم يراعى فيه السكر ، وهذا الوجه أشبه .
فأما
المسلمة ، فللزوج منعها من شرب الخمر قليله وكثيره ، وكذلك من سائر المحرمات ، فأما النبيذ ، فإن كانا الزوجان شافعيين يعتقدان تحريم النبيذ كالخمر ، فله منعها من قليله وكثيره ، وإن كانا حنفيين يعتقدان إباحة النبيذ كان كالخمر في حق الذمية فله منعها أن تشرب منه قدر ما يسكرها . وهل يمنعها من قليله الذي لا يسكرها ، فعلى قول
أبي علي بن أبي هريرة يمنعها منه قولا واحدا ، وعلى قول
أبي حامد يكون على قولين .