مسألة : قال
الشافعي : "
وأي صنف حل نكاح حرائرهم ، حل وطء إمائهم بالملك ، وما حرم نكاح حرائرهم ، حرم وطء إمائهم بالملك " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح : لأن الأمة قد تصير فراشا بالوطء كما تصير الحرة فراشا بالعقد ، فأي صنف حل نكاح حرائرهم فهم المسلمون وأهل الكتاب من
اليهود والنصارى ، حل وطء إمائهم بملك اليمين ، وهن الإماء المسلمات واليهوديات والنصرانيات ، وقد استمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمتين بملك يمينه : إحداهما مسلمة ، وهي
مارية ، وأولدها ابنه
إبراهيم ، والأخرى يهودية وهي
ريحانة ، ثم بشر بإسلامها فسر به ، وأعتق أمتين وتزوجهما ، وجعل عتقهما صداقهما : إحداهما :
جويرية . والأخرى :
صفية .
فأما
من لا يحل نكاح حرائرهم من المجوس وعبدة الأوثان ، فلا يحل وطء إمائهم بملك اليمين .
وقال
أبو ثور : كل وطء جمع الإماء بملك اليمين على أي كفر كانت من مجوسية أو وثنية أو دهرية : استدلالا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سبي
هوازن وهن وثنيات
nindex.php?page=hadith&LINKID=923919ألا لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا غير ذات حمل حتى تحيض فأباح وطأهن بالملك بعد استبرائهن : ولأن الوطء بملك اليمين أوسع حكما منه بعقد النكاح : لأنه لا يستمتع من الإماء بمن شاء من غير عدد محصور ، ولا يحل بعقد النكاح أكثر من أربع ، فجاز لاتساع حكم الإماء أن يستمتع منهن بمن لا يجوز أن ينكحها من الوثنيات ، وهذا خطأ : لقوله تعالى :
ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن [ البقرة : 221 ] فكان على عمومه في الحرائر والإماء : ولأن المحرمات بعقد النكاح محرمات بملك اليمين كذوات الأنساب : ولأن ما حرم به وطء ذوات الأنساب حرم به وطء الوثنيات كالنكاح .
فأما سبي
هوزان ، فعنه جوابان :
أحدهما : يجوز أن يكون قبل تحريم المشركات في سورة البقرة .
والثاني : يجوز أن يكن قد أسلمن : لأن في النساء رقة لا يثبتن معها بعد السبي على
[ ص: 246 ] دين ، وأما الاستدلال باتساع حكمهن في العدد ، فليس لعدد تأثير في أوصاف التحريم ، كما لم يكن له تأثير في ذوات الأنساب ، والله أعلم .