مسألة : قال
الشافعي ، رحمه الله تعالى : " ولا أكره
نكاح نساء أهل الحرب إلا لئلا يفتن عن دينه أو يسترق ولده " .
قال
الماوردي : وهو كما قال : لا يجوز للمسلم أن يتزوج الكتابية الحربية في دار الإسلام ودار الحرب ، وأبطل
العراقيون نكاحها في دار الحرب : بناء على أصولهم في أن عقود دار الحرب باطلة ، وهي عندنا صحيحة : لأن صحة العقد وفساده معتبر بالعاقد والمعقود عليه دون الولد : ولأن الله تعالى قال :
والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم [ المائدة : 5 ] ولم يفرق : ولأن الحرية في إباحتهن الكتاب دون الدار ، ولأنه لما جاز وطئهن بالسبي ، فأولى أن يجوز وطئهن بالنكاح : ولأن من حل نكاحها في دار الإسلام حل نكاحها في دار الحرب كالمسلمة ، فإذا صح نكاح الحربية ، فهو عندنا مكروه لثلاثة أمور :
أحدها : لئلا يفتن عن دينه بها ، أو بقومها ، فإن الرجل يصبو إلى زوجته بشدة ميله .
والثاني : لئلا يكثر سوادهم بنزوله بينهم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم
من كثر سواد قوم فهو منهم .
والثالث : لئلا يسترق ولده وتسبى زوجته : لأن دار الحرب ثغر وتغنم ، فإن سبي ولده لم يسترق : لأنه حر مسلم ، وإن سبيت زوجته ، ففيه قولان :
أحدهما : يجوز استرقاقها : لأن ما بينهما من عقد النكاح هو حق له عليها بالدين ، ولو كان له عليها دين لم يمنع من استرقاقها ، كذلك النكاح .
والثاني : أنه قد ملك بعضها بالنكاح ، فلم يجز أن يستهلك عليه بالاسترقاق ، كما لو ملك منافعها بالإجارة ورقبتها بالشراء .