[ ص: 255 ] باب
نكاح المشرك ، ومن
أسلم وعنده أكثر من أربع ، من هذا ومن كتاب التعريض بالخطبة
قال
الشافعي : " أخبرنا الثقة - أحسبه
إسماعيل بن إبراهيم - عن
معمر ، عن
الزهري ، عن
سالم بن عبد الله ، عن أبيه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923955أسلم غيلان بن سلمة وعنده عشر نسوة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أمسك أربعا وفارق سائرهن ، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=923956قال لرجل يقال له الديلمي أو ابن الديلمي أسلم وعنده أختان : اختر أيتهما شئت وفارق الأخرى ،
وقال لنوفل بن معاوية وعنده خمس ، فارق واحدة وأمسك أربعا قال فعمدت إلى أقدمهن ففارقتها ، ( قال
الشافعي ) رحمه الله تعالى : وبهذا أقول ولا أبالي ، أكن في عقدة واحدة أو في عقد متفرقة إذا كان من يمسك منهن يجوز أن يبتدئ نكاحها في الإسلام ما لم تنقض العدة قبل اجتماع إسلامهما : لأن
أبا سفيان وحكيم بن حزام أسلما قبل ، ثم أسلمت امرأتاهما ، فاستقرت كل واحدة منهما عند زوجها بالنكاح الأول ، وأسلمت امرأة
صفوان وامرأة
عكرمة ، ثم أسلما فاستقرتا بالنكاح الأول ، وذلك قبل انقضاء العدة " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال ، الأصل تحريم
التناكح بين المسلمين ، والمشركين قول الله تعالى :
ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم [ البقرة : 221 ] وقال تعالى :
ولا تمسكوا بعصم الكوافر [ الممتحنة : 10 ] وقال تعالى :
فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن [ الممتحنة : 10 ] وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923958أنا بريء من كل مسلم مع مشرك وإذا كان كذلك
فالمسلمة لا تحل لكافر بحال سواء كان الكافر كتابيا أو وثنيا ، فأما
المسلم فيحل له من الكفار الكتابيات من
اليهود والنصارى على ما ذكرنا ويحرم عليه ما عداهن من المشركات .
فأما إذا
تناكح المشركون في الشرك فلا اعتراض عليهم فيها ، فإن أسلموا عليها فمنصوص
الشافعي في أكثر كتبه جواز مناكحهم وإقرارهم عليها بعد إسلامهم : لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر من أسلم على نكاح زوجته ، وروى
داود بن الحصين عن
عكرمة عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923959رد رسول الله صلى الله عليه وسلم بنته زينب على أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول ، ولم يحدث شيئا [ ص: 256 ] وقال
الشافعي في بعض كتبه : إن
مناكحهم باطلة ، وقال في موضع آخر : إنها معفو عنها ، فغلط بعض أصحابنا فخرج اختلاف هذه النصوص الثلاثة على ثلاثة أقاويل ، الذي عليه جمهورهم أنه ليس ذلك لاختلاف أقاويله فيها ، ولكنه لاختلاف
أحوال مناكحهم ، وهي على ثلاثة أقسام : صحيحة ، وباطلة ، ومعفو عنها .
فأما الصحيح منها : فهو أن يتزوج الكافر الكافرة بولي وشاهدين بلفظ النكاح ، وليس بينهما نسب يوجب التحريم ، فهذا النكاح صحيح ، فإذا أسلموا عليه أقروا وهو الذي أراده
الشافعي بالصحة .
فأما الباطل منها : فهو أن يتزوج في الشرك بمن تحرم عليه بنسب ، أو رضاع ، أو مصاهرة ، فهذا النكاح باطل ، فإذا أسلموا عليه لم يقروا ، وكذلك لو نكحها بخيار مؤبد ، وهذا الذي أراده
الشافعي بأنه باطل .
وأما المعفو عنه : فهو أن يتزوج من لا تحرم عليه بنسب ، ولا رضاع ، ولا مصاهرة ، بما يرونه نكاحا من غير ولي ولا شهود ، ولا بلفظ نكاح ولا تزويج ، فهذا معفو عنه ، فإذا أسلموا قروا عليه : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكشف عن مناكح من أسلم من المشركين ، وهو الذي أراده
الشافعي بأنه معفو عنه ، والله أعلم .