مسألة : قال
الشافعي : " ولو
عتقن قبل إسلامه فاخترن فراقه كان ذلك لهن : لأنه لهن بعد إسلامه وعددهن عدد الحرائر فيحصين من حين اخترن فراقه ، فإن اجتمع إسلامه وإسلامهن في العدة فعددهن عدد حرائر من يوم اخترن فراقه وإلا فعددهن عدد حرائر من يوم أسلم متقدم الإسلام منهما : لأن الفسخ من يومئذ ، وإن لم يخترن فراقه ولا المقام معه خيرن إذا اجتمع إسلامه وإسلامهن معا " .
قال
الماوردي : وصورتها في
عبد تزوج في الشرك بأربع زوجات إماء ودخل بهن ، ثم أسلمن وعتقن قبل إسلامه ، فلهن أن يخترن فسخ نكاحه بالعتق ، وإن كن جاريات في الفسخ بتقدم الإسلام لأمرين :
أحدهما : أنهن جاريات في فسخ ، فلم يمتنع أن يستحق معه حدوث فسخ : لأن الفسخ لا ينافي الفسخ لاجتماعهما ، وإنما ينافي المقام لتضادهما .
والثاني : أنهن يستفدن بتعجيل الفسخ قصور أحد العدتين : لأنهن لو انتظرن إسلام الزوج لاستأنف العدة بعد إسلامه ، وإذا قدمن الفسخ تقدمت العدة قبل إسلامه .
فإن قيل : فهلا أغنى جريانهن في الفسخ بتقدم الإسلام عن أن يحدثن فسخا بحدوث العتق .
قيل : لا يغني : لأن الفسخ بالإسلام متردد بين إفضائه إلى الفرقة إن تأخر إسلام الزوج وبين إفضائه إلى ثبوت النكاح إن تعجل ،
والفسخ بالعتق مفض إلى الفرقة في الحالين ، فإذا تقرر هذا ، فلهن ثلاثة أحوال :
[ ص: 274 ] أحدها : أن يخترن الفسخ ، فذلك معتبر بإسلام الزوج ، فإن لم يسلم حتى انقضت عددهن فقد وقعت الفرقة باختلاف الدين ، وبان أنهن غير زوجاته من يوم أسلمن ، فلم يقع فسخهن بالعتق : لأنهن قدمن قبله ، فأول عددهن من وقت إسلامهن ، وقد بدأن بالعدة وهن إماء وأنهينها وهن حرائر ، فهل يعتددن عدد إماء أو عدد حرائر ؟ على قولين :
أحدهما - وهو قوله في القديم - : يعتددن عدد إماء اعتبارا بالابتداء .
والثاني : وهو قوله في الجديد يعتددن عدد حرائر : اعتبارا بالانتهاء ، وإن أسلم الزوج في عددهن ، وبان أن اختلاف الدين لم يؤثر في فسح نكاحهن ، وإنهن اخترن الفسخ بالعتق وهن زوجات ، فينفسخ نكاحهن باختيار الفسخ ويعتددن من وقت الفسخ عدد حرائر قولا واحدا : لأنهن بدأن وهن حرائر .