فصل : وأما المسألة الثانية : وهو أن
يرتد الزوجان معا ، فهو كارتداد أحدهما إن كان قبل الدخول بطل ، وإن كان بعده وقف على انقضاء العدة .
وقال
أبو حنيفة : إذا ارتدا معا كان على النكاح قبل الدخول وبعده : استدلالا بأن أهل الردة حين أسلموا أقرهم
أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - على مناكحهم ، ولم يعتبر فيهم انقضاء العدة ولا حال الدخول : لاجتماع الزوجين منهم على الإسلام والردة .
قال : ولأنه انتقال إلى دين واحد فوجب أن لا يوقع الفرقة بينهما : قياسا على إسلام المشركين .
قال : ولأن أكثر ما في ارتدادهما أن لا يقرا على دينهما ، وهذا لا يمنع من صحة نكاحهما كالوثنيين .
ودليلنا : هو أنها ردة طارئة على نكاح ، فوجب أن يتعلق بها وقوع الفرقة : قياسا على ردة أحدهما ، ولأن كل حكم تعلق بردة أحدهما لم يزل بردتها قياسا على استباحة المال والدم وإحباط العمل ، ولأن كل معنى وقعت به الفرقة إذا وجد من أحدهما وقعت به الفرقة إذا وجد منهما كالموت .
فأما الجواب عن إقرار
أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - لأهل الردة على مناكحهم ، فلأنهم أسلموا قبل انقضاء العدة .
فإن قيل : فلم يفرق بين المدخول بها وغير المدخول بها .
قيل : قد يجوز أن يكون جميعهن مدخولا بهن ، أو لم يتميزن فأجرى عليهن حكم الأغلب ، كما أنه لم يفرق بين من اجتمعا في الردة أو لم يجتمعا ، وإن كان
أبو حنيفة يفرق بينهما ، فيكون جوابه عن هذا السؤال جوابا عن سؤاله .
وأما الجواب عن قياسهم على
المشركين إذا أسلما بعلة انتقالهما إلى دين واحد ، فهو انتقاضه بالمسلم إذا تزوج يهودية ثم تنصر قد اجتمعا على دين واحد ، والفرقة واقعة بينهما ، على أن
أبا حنيفة قد وافقنا أنه إذا اجتمعا على الردة من الإصابة ، كما لو
ارتد أحدهما حتى يجتمعا على الإسلام .
وأما الجواب عن استدلالهم باجتماع الوثنيين ، فالفرق بينهما أن الوثنيين لا يمنعان من
[ ص: 297 ] الإصابة فجاز إقرارهما على النكاح ، والمرتدان يمنعان من الإصابة فلم يجز إقرارهما على النكاح .