فصل :
ولا يجوز للزوج الإصابة في الردة سواء كان الزوج المرتد أو الزوجة ،
فإن أصابها في الردة فلا حد عليه : لأن بقاء أحكام النكاح شبهة في إدراء الحد ، وعليه لها مهر المثل ، فإن لم يعد إلى الإسلام حتى انقضت عدتها ، فاستقر المهر ، عليها أن تعتد من إصابته للاستبراء ، ويكون الباقي من عدة الردة محسوبا من العدتين .
مثاله : أن يكون قد أصابها بعد قرء من ردتها ، فعليها أن تعتد من وقت الإصابة ثلاثة أقراء ، منها قرءان من عدتي الردة والإصابة ، وقرء مختص بعد الإصابة وإسلامها الذي يجتمعان به على النكاح أن يكون في عدة الردة دون عدة الإصابة ، فإن عاد المرتد منهما إلى الإسلام في الباقي من عدة الردة كانا على النكاح ، فأما المهر ، فالذي وجب بالإصابة فقد قال
الشافعي : ما يدل على سقوطه بالإسلام ، وقال في المعتدة من طلاق رجعي : إذا أصابها الزوج في العدة فوجب عليه المهر ثم راجعها بعد الإصابة ، أن المهر لا يسقط بالرجعة ، ورجعة المطلقة كإسلام المرتدة ، فاختلف أصحابنا لاختلاف جوابه على طريقين :
أحدهما : نقل جواب كل واحد من المسألتين إلى الأخرى ، وتخريجها على قولين :
أحدهما : سقوط مهرها بعود المرتدة إلى الإسلام ، ورجعة المطلقة على ما نص عليه في المرتدة .
والقول الثاني : أن مهرها ثابت لا يسقط بإسلام المرتدة ولا برجعة المطلقة على ما نص عليه في المطلقة .
[ ص: 298 ] والطريقة الثانية : حمل الجواب على ظاهره في الموضعين ، فيسقط مهر المرتدة بالإسلام ، ولا يسقط مهر المطلقة بالرجعة .
والفرق بينهما : أن ثلم الردة قد ارتفع بالإسلام حتى لم يبق للردة تأثير بعودها إلى ما كانت عليه من نكاح وإباحة ، وثلم المطلقة لم يرتفع جميعه بالرجعة ، وإنما ارتفع بها التحريم دون الطلاق ، فكان تأثيره باقيا فبقي ما وجب فيه من المهر ، والله أعلم .