مسألة : قال
الشافعي : " وإن وطئ في الدم استغفر الله تعالى ولا يعود " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال إذا
وطئ الحائض في قبلها فقد أثم ، وعليه أن يستغفر الله تعالى ولا كفارة عليه . وهو قول
أبي حنيفة وأكثر الفقهاء .
وقال
الحسن البصري : عليه ما على المظاهر .
وقال
سعيد بن جبير : عليه عتق نسمة ، وقال
الأوزاعي : عليه أن يتصدق بدينار إن وطئ في الدم ، ونصف دينار إن وطئ قبل الغسل . وبه قال
ابن جرير الطبري : استدلالا برواية
ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
إن وطئ في الدم فعليه دينار ، وإن وطئ قبل الغسل فنصف دينار " . وروي هذا الحديث
للشافعي ، وكان إسناده ضعيفا .
قال : إن صح قلت به ، فإن لم يصح فلا شيء عليه ، وإن صح فقد اختلف أصحابنا فيه مع الصحة هل يكون محمولا على الإيجاب أو على الاستحباب ؟ على وجهين :
أحدهما - وهو قول كثير منهم - : أن يكون محمولا على الإيجاب أو على الاستحباب على وجهين :
أحدهما : اعتبارا بظاهره ، وقد حكى
الربيع عن
الشافعي ، أنه قال : ما ورد من سنة الرسول بخلاف مذهبي ، فاتركوا له مذهبي ، فإن ذلك مذهبي ، وقد فعل أصحابنا مثل ذلك في التصويب في الصلاة الوسطى .
والوجه الثاني - وهو قول
أبي العباس بن سريج - : أنه يكون محمولا على الاستحباب دون الوجوب : لأن الزنا
والوطء في الدبر أغلظ تحريما ، ولا كفارة فيه ، فلأن لا يكون في وطء الحائض كفارة أولى ، ولأن كفارة الوطء إنما تجب بما تعلق به من إفساده عبادة كالحج والصيام ، وليس فيه كفارة إذا لم يتعلق به إفساد عبادة ، وقد رويأن رجلا قال
لأبي بكر - رضي الله تعالى عنه - رأيت في منامي كأنني أبول الدم ، فقال : لعلك تطأ امرأتك حائضا ؟ قال : نعم ، قال : استغفر الله ولا تعد ، ولم يلزمه كفارة ، فأما المستحاضة فلا يحرم وطئها : لأنها كالطاهرة فيما يحل ويحرم ، ولأن دم الاستحاضة رقيق وهو دم عرق قليل الأذى ، وليس كدم الحيض في ثخنه ونتنه وآذاه ، والله أعلم .