فصل : وأما
العيوب التي يشترك فيها الرجل والمرأة وهي ثلاثة :
أحدها : الجنون ، وهو زوال العقل الذي يكون معه تأدية حق سواء خيف منه أم لا ، وهو ضربان : مطبق لا يتخلله إفاقة ، وغير مطبق يتخلله إفاقة فيجن تارة ويفيق أخرى ، وكلاهما سواء ، وفيهما الخيار سواء قل زمان الجنون أو كثر : لأن قليله يمنع من تأدية الحق في زمانه ، ولأن قليله كثيرا ، وسواء كان ذلك بالزوج أو بالزوجة .
فأما الإغماء : فهو زوال العقل بمرض ، فلا خيار فيه كالمرض ، وأنه عارض يرجى زواله ، وأنه قد يجوز حدوث مثله بالأنبياء الذي لا يحدث بهم جنون ، فإن زال المرض فلم يزل معه الإغماء صار حينئذ جنونا يثبت فيه الخيار .
وأما البله : فهو غلبة السلامة فيكون الأبله سليم الصدر ضعيف العزم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "
اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها بلها " ، يعني الذين غلبت السلامة على صدورهم ، ومنه قول الشاعر :
ولقد لهوت بطفلة ميالة بلهاء تطلعني على أسرارها
[ ص: 342 ] فلا خيار في البله : لأن الاستمتاع كامل ، وكذلك لا خيار في الحمق وقلة الضبط : لكمال الاستمتاع معهما ، وإنما يؤثر فيما سواه من تدبير المنزل وتربية الولد ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : "
لا تسترضعوا الحمقى فإن صحبتها بلاء وولدها ضياع " .