مسألة : قال
الشافعي : " فإن كان خنثى يبول من حيث يبول الرجل فهو رجل يتزوج امرأة ، وإن كانت هي تبول من حيث تبول المرأة فهي امرأة تتزوج رجلا ، وإن كان مشكلا لم يزوج ، وقيل له : أنت أعلم بنفسك ، فأيهما شئت أنكحناك عليه ، ثم لا يكون لك غيره أبدا ( قال
المزني ) فبأيهما تزوج وهو مشكل كان لصاحبه الخيار لنقصه ، قياسا على قوله في الخصي له الذكر ، إن لها فيه الخيار لنقصه " .
قال
الماوردي : أما
الخنثى فهو الذي له ذكر رجل وفرج امرأة ، فالذكر مختص بالرجل ، والفرج مختص بالمرأة وليس يخلو مشتبه الحال من أن يكون رجلا أو امرأة قال الله تعالى :
وخلقناكم أزواجا [ النبأ : 8 ] يعني ذكورا وإناثا ، فإذا جمع الخنثى بين آلة الذكر والأنثى ، وجب أن يعتبر ما هو مختص بالعضوين وهو البول : لأن الذكر مخرج بول الرجل والفرج مخرج بول المرأة ، فإن كان يبول من ذكره وحده فهو رجل ، والفرج عضو زائد ، وإن كان يبول من فرجه فهي امرأة ، والذكر عضو زائد .
روى
الكلبي عن
صالح عن
ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي له ماء الرجال وماء النساء : أنه يورث من حيث يبول .
وقضى
علي بن أبي طالب في
العراق بمثل ذلك في خنثى رفع إليه .
فإن كان يبول منهما جميعا فعلى أربعة أقسام :
أحدها : أن يسبق أحدهما وينقطعا معا ، فالحكم للسابق لقوته .
والقسم الثاني : أن يخرجا معا وينقطع أحدهما قبل الآخر ، فالحكم للمتأخر لقوته .
[ ص: 381 ] والقسم الثالث : أن يسبق خروج أحدهما ، ويتأخر انقطاع الآخر ، فالحكم لأسبقهما خروجا وانقطاعا : لأن البول يسبق إلى أقوى مخرجيه .
والقسم الرابع : أن يخرجا معا وينقطعا معا ، ولا يسبق أحدهما الآخر ، فهو على أربعة أقسام :
أحدهما : أن يستويا في القدر والصفة .
الثاني : أن يختلفا في القدر ، ويستويا في الصفة .
والثالث : أن يختلفا في الصفة ، ويستويا في القدر .
والرابع : أن يختلفا في القدر والصفة .
فأما القسم الأول : وهو أن يستويا في القدر والصفة ، فلا بيان فيه .
وأما القسم الثاني : وهو أن يختلفا في القدر دون الصفة ، فيكون أحدهما أكثر من الآخر ، ففيه قولان :
أحدهما : أن يكون الحكم لأكثرهما . وهو قول
أبي حنيفة : تغليبا لقوته بالكثرة ، وقد حكاه
المزني في جامعه الكبير .
والقول الثاني : أنهما سواء . وهو قول
أبي يوسف : لأن اعتبار كثرته شاق ، وقد قال
أبو يوسف ردا على
أبي حنيفة حيث اعتبر كثرته : أفيكال إذن ؟ !
وأما القسم الثالث : وهو أن يختلفا في الصفة في التزريق والشرشرة ، فقد اختلف أصحابنا في اعتباره على وجهين :
أحدهما : أنه يعتبر ، فإن تزريق البول للرجال والشرشرة للنساء .
وقد روي عن
جابر أنه سئل عن خنثى ، فقال : أدنوه من الحائط فإن زرق فذكر ، وإن شرشر فأنثى .
والوجه الثاني : أنه لا اعتبار به : لأن هذا قد يكون من قوة المثانة وضعفها .
وأما القسم الرابع : فهو أن يختلفا في القدر والصفة ، فينظر فيهما فإن اجتمعا في أحد العضوين ، فكان التزريق مع الكثرة في الذكر أو كانت الشرشرة مع الكثرة في الفرج ، كان ذلك بيانا يزول به الإشكال ، وإذا اختلفا فكانت الشرشرة في الفرج والكثرة في الذكر ، أو بالعكس ، فلا بيان فيه لتكافؤ الإمارتين .