فصل : فأما إذا لم يكن في المبال بيان إما عند تساوي أحوالهما ، وإما عند إسقاط فاختلف فيه من القدر والصفة فقد اختلف أصحابنا هل يعدل إلى
اعتبار عدد الأضلاع أم لا ؟ على وجهين :
[ ص: 382 ] أحدهما : يعتبر عددالأضلاع ، فإن أضلاع المرأة يتساوى من الجانب الأيمن والجانب الأيسر ، وأضلاع الرجل ينقص من الجانب الأيسر ضلع : لما حكي أن الله تعالى خلق
حواء من ضلع
آدم الأيسر ، فلذلك نقص من أضلاع الرجل اليسرى ضلع ، ومن أجل ذلك قيل للمرأة ضلع أعوج ، وقد قال الشاعر .
هي الضلع العوجاء لست تقيمها ألا إن تقويم الضلوع انكسارها أيجمعن ضعفا واقتدارا على الهوى
أليس عجيبا ضعفها واقتدارها
وتوجيه هذا الوجه في اعتبار الأضلاع الأثر المروي عن
علي رضي الله عنه أنه أمر
قنبرا وبرقاء - وهما مولياه - أن يعدا أضلاع خنثى مشكل ، فإن استوت أضلاعه من جانبيه فهي امرأة ، وإن نقصت اليسرى ضلع فهو رجل .
والوجه الثاني - وهو قول الأكثرين من أصحابنا - : أنه لا اعتبار بالأضلاع : لأن النبي صلى الله عليه وسلم عدل عنها إلى الاعتبار بالمبال ، وهو ألزم حالا من المبال وأقوى ، لو كان بها اعتبار لما جاز العدول عنها إلى المبال الذي هو أضعف منها ، وليس الأثر المروي فيه عن
علي ثابتا .
وقد قال أصحاب التشريح من علماء الطب : إن أضلاع الرجل والمرأة متساوية من الجانبين ، وأنها أربعة وعشرون ضلعا من كل جانب منها اثنا عشر ضلعا ، وقد أضيف إلى هذا الأثر مع ما يدفعه ويرده من المشاهدة خرافة مصنوعة تمنع منها العقول ، وهو أن رجلا تزوج خنثى على صداق أمة ، وأنه وطأ الخنثى فأولدها ، ووطأ الخنثى الأمة فأولدها ، فصار الخنثى أما وأبا ، فرفع إلى
علي كرم الله وجهه ، فأمر بعد أضلاعه فوجدت مختلفة ففرق بينهما ، وهذا مدفوع ببداهة العقول .