فصل : [ القول في التزويج على خياطة ثوب بعينه ]
مسألة : قال
المزني : " وكذا لو
قال نكحت على خياطة ثوب بعينه فهلك الثوب ، فلها مهر مثلها ، وهذا أصح من قوله : لو مات رجعت في ماله بأجر مثله في تعليمه " .
قال
الماوردي : وصورتها في
رجل تزوج امرأة ، وأصدقها خياطة ثوب بعينه ، فهذا يجوز إذا وصفت الخياطة ، كما يجوز أن يعقد عليه إجارة ، فإن تجدد ما يمنع عن خياطته فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون بتلف الثوب .
والثاني : أن يكون بعطلة الزوج بزمانة أو عمى .
فإن تلف الثوب ، ففي بطلان الصداق وجهان :
أحدهما - وهو الذي نص عليه
المزني هاهنا - : أن الصداق باطل ؛ لأنه معين في تالف ، فصار كما لو
أصدقها حصاد زرع فهلك .
والوجه الثاني : أن الصداق جائز ؛ لأن الثوب مستوفى به الصداق ، وليس هو الصداق ، فصار كمن
استأجر دارا ليسكنها ، أو دابة ليركبها فهلك قبل السكنى والركوب ، لم تبطل الإجارة ؛ لهلاك من تستوفى به المنفعة ، كذلك تلف الثوب قبل الخياطة .
وهذان الوجهان مخرجان من اختلاف قوليه فيمن
خالع زوجته على رضاع ولد فمات ، هل يبطل بموته أم لا ؟ على قولين لأن الولد يستوفى به الرضاع المستحق .
وإن تعطل الزوج عن الخياطة بعمى أو بزمانة مع بقاء الثوب ، فإن كان الصداق في ذمته ، لزمه أن يستأجر من يقوم بخياطته ، ولا يبطل الصداق بزمانته .
وإن كان الصداق معقودا عليه في عينه بطل بزمانته وعطلته ؛ لأن الصداق مستوفى منه ، فبطل بتلفه كموت العبد المستأجر ، وانهدام الدار المكراة ، فصار استيفاء الصداق متعلقا بثلاثة أشخاص : مستوفى له ، ومستوفى به ، ومستوفى منه .
فالمستوفى له : هي الزوجة ، وموتها لا يؤثر في فساده .
[ ص: 418 ]
والمستوفى منه : هو الزوج ، وموته مؤثر في فساده .
والمستوفى به : هو الثوب ، وفي فساد الصداق بتلفه وجهان .