فصل : فإذا تقررت هذه الجملة جئنا إلى شرح كلام
الشافعي .
قال : "
وكل ما أصدقها فملكته بالعقد وضمنته بالدفع ، فلها زيادته وعليها نقصانه " .
وهذه جملة اختصرها
المزني من كلام
الشافعي في كتاب الأم ، فإن
الشافعي بسطه ، فأحسن
المزني اختصاره .
فقوله : وكل ما أصدقها فملكته بالعقد ، أبان عن مذهبه أن
الزوجة مالكة لجميع الصداق بالعقد ، ورد به قول
مالك : إنها تملك نصفه بالعقد .
وأما قوله : وضمنته بالدفع ، فصحيح ؛ لأنه قبل دفعه إليها مضمون على الزوج دونها . فإذا دفع إليها سقط ضمانه عن الزوج ، وصار مضمونا عليها .
[ ص: 422 ] وأما قوله : فلها زيادته وعليها نقصانه : فنقصانه لا يكون عليها إلا إذا دفع إليها ، وإلا فهو على الزوج دونها ، وأما زيادته فهي لها قبل الدفع وبعده .
فإن قيل : فكيف جمع بين زيادته ونقصانه في أن جعل ضمانها بالدفع موجبا لها ، وهذا الشرط يصح في النقصان ؛ لأنه لا يكون عليها إلا إذا ضمنته بالدفع ، أما الزيادة فلا يصح هذا الشرط فيها ؛ لأنها لها قبل دفعه إليها وبعده .
فعن هذا ثلاثة أجوبة :
أحدها : أن جعل ذلك لها بعد الدفع لا يمنع أن يكون لها قبل الدفع .
والثاني : أن في الكلام تقديما وتأخيرا ، وتقديره : وكل ما أصدقها فملكته بالعقد فلها زيادته ، فإذا ضمنته بالدفع فعليها نقصانه ، ومثل هذا يجوز إذا دل عليه وضع الخطاب ، أو شواهد الأصول .
والثالث : أن الكلام على نسقه صحيح ، والشرط في حكمه معتبر ؛ لأن الزيادة الحادثة بعد الدفع تملكها ملكا مستقرا ، وقبل الدفع تملكها ملكا غير مستقر ؛ لأنه قد يجوز أن يتلف الصداق في يد الزوج فيزول ملكها عن الزيادة إن قيل : إنها ترجع بمهر المثل على ما سنذكره ، فصار الدفع شرطا في استقرار الملك فصح ، والله أعلم .