مسألة : قال
الشافعي : فإن
أصدقها أمة أو عبدا صغيرين فكبرا ، أو أعميين فأبصرا ثم طلقها قبل الدخول ، فعليها نصف قيمتهما يوم قبضهما إلا أن تشاء دفعهما زائدين ، فلا يكون له إلا ذلك ، إلا أن تكون الزيادة غيرتهما بأن يكونا كبرا كبرا بعيدا ، فالصغير يصلح لما لا يصلح له الكبير ، فيكون له نصف قيمتهما وإن كانا ناقصين فله نصف قيمتهما إلا أن يشاء أن يأخذهما ناقصين ، فليس لها منعه إلا أن يكونا يصلحان لما لا يصلح له الصغير في نحو ذلك " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال : إذا
سمى لزوجته صداقا ثم طلقها ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون قد سلم الصداق إليها .
والثاني : ألا يكون قد سلمه إليها .
فإن لم يكن قد سلمه إليها حتى طلقها فهو على ضربين :
أحدهما : [ بيان الضرب الأول ]
أن يكون موصوفا في الذمة كمسمى من دراهم أو دنانير . أو موصوفا من بر أو شعير ، فلا يخلو طلاقه من أن يكون قبل الدخول أو بعده .
فإن كان بعد الدخول : فقد استحقت جميعه ، واستقر ملكها عليه ، وليس له أن يرجع بشيء منه . قال الله تعالى :
وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض [ النساء : 21 ] .
[ ص: 423 ] وإن كان الطلاق قبل الدخول أبرئ من نصف الصداق ؛ لقول الله تعالى :
وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم .
وفيه تأويلان :
أحدهما : معناه فنصف ما فرضتم لكم يرجع إليكم بالطلاق ، وهذا تأويل من قال : إنها قد ملكت جميع الصداق بالعقد .
والثاني : معناه فنصف ما فرضتم للزوجات لا يمكن أكثر منه ، هذا تأويل من قال : إنها لا تملك بالعقد إلا نصفه ، وإذا كان كذلك لم يخل حال الصداق من أن يكون حالا ، أو مؤجلا ، أو منجما .
فإن كان حالا : ساق إليها نصفه ، وقد برئ من جميعه .
وإن كان مؤجلا : فعليه إذا حل الأجل أن يسوق إليها النصف ، وقد برئ من الكل ، ولا يحل قبل أجله إلا بموته .
وإن كان منجما : برئ من نصفه على التنجيم ، وكان النصف باقيا لها إلى نجومه .
فلو كان إلى نجمين ، فحل أحدهما وقت الطلاق لم يكن لها أن تتعجل النصف في الحال فيستضر ، ولا أن يؤخر به إلى النصف المؤجل فتستضر الزوجة ، ويبرأ الزوج من نصف الحال ونصف المؤجل ، وتأخذ الزوجة نصف الحال ، وتصبر بنصف المؤجل حتى يحل .