مسألة : قال
الشافعي : " ولو ولدت الأمة في يديه أو نتجت الماشية ، فنقصت عن حالها كان الولد لها دونه ؛ لأنه حدث في ملكها ، فإن شاءت أخذت أنصافها ناقصة ، وإن شاءت أخذت أنصاف قيمتها يوم أصدقها ( قال
المزني ) هذا قياس قوله في أول باب ما جاء في الصداق في كتاب الأم . وهو قوله وهذا خطأ على أصله " .
قال
الماوردي : وصورتها في رجل
أصدق امرأته جارية أو ماشية ، فزادت في يده بحمل أو ولد ، ثم طلق قبل الدخول ، فقد دخل حكمه في أقسام ما قدمناه ، ونحن نشير إليه ونذكر ما تعلق به من زيادة ، ونقتصر على ذكر الجارية فإن فيها بيان الماشية .
وأحوال الجارية ينقسم ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تكون وقت الصداق حابلا ، فتحمل في يده بمملوك وتلد ثم تطلق .
[ ص: 445 ] والقسم الثاني : أن تكون حاملا ، فتحبل ثم تطلق قبل أن تضع .
والقسم الثالث : أن تكون حاملا ثم تلد ثم تطلق .
فأما القسم الأول : وهو أن تكون حاملا فتحبل وتلد ثم تطلق ، فلا يخلو حالها وحال ولدها من أربعة أقسام :
أحدها : أن يكونا باقيين .
والثاني : تالفين .
والثالث : أن تكون الأم باقية ، والولد تالفا .
والرابع : أن تكون الأم تالفة ، والولد باقيا .
فأما القسم الأول : إذا كانا باقيين ، فالولد للزوجة ؛ لحدوثه في ملكها ، وتكون ولادته قبل القبض ، كولادته بعد القبض ، في ألا حق فيه للزوج وكذلك الكسب .
وقال
مالك : يكون للزوج نصف الولد ونصف الكسب قبل القبض وبعده .
وقال
أبو حنيفة : لا حق للزوج فيما حدث بعد القبض من ولد وكسب ، وله فيما حدث في يده قبل القبض نصف الولد دون الكسب .
استدلالا بأنه قبل القبض مستحق التسليم بالعقد كالأم ، فوجب أن يرجع بنصفه كرجوعه بنصف الأم .
ودليلنا قول الله تعالى :
فنصف ما فرضتم فلم يوجب الرجوع إلا بنصف المفروض ، وليس الولد مفروضا .
ولأنه نماء حدث في ملكها ، فلم يستحق الزوج بطلاقه شيئا منه كالحادث بعد القبض ، ولأن ما لم يملكه بالطلاق إذا حدث بعد القبض لم يملكه بالطلاق إذا حدث قبل القبض كالكسب .
وبالكسب ينتقص قياسهم مع أننا لا نقول إنه تسليم يستحق بالعقد ولكن بالملك .
فإذا ثبت ألا حق له في الولد ، فللأم ثلاثة أحوال :
أحدها : أن تكون بحالها لم تزد ولم تنقص ، فيكون للزوج نصفها بالطلاق قبل الدخول ، ولها النصف ، ولا خيار لواحد منهما .
والحال الثانية : أن تكون قد زادت ، فلها منع الزوج منها لحدوث الزيادة على ملكها ، وتعدل به إلى نصف القيمة ، فإن بذلت له نصفها زائدة أجبر على القبول في أصح الوجهين .
والحال الثالثة : أن تكون ناقصة فلها الخيار بين المقام والفسخ . فإن أقامت أخذت النصف ناقصا وأخذ الزوج نصفها ناقصا ، ولم يكن له خيار لحدوث النقصان في يده ودخوله في ضمانه .
[ ص: 446 ] وإن فسخت فالولد لها ؛ لأن الفسخ في الأصل مع بقائه قطع للعقد فيه ، وليس برفع له من أصله .
وبماذا ترجع عليه ؟ على قولين :
أحدهما : بالجارية وأرش النقص ، فيكون الفسخ مفيدا استحقاق الأرش ، وهذا على القول الذي يوجب قيمة الصداق عند تلفه .
والقول الثاني : أنها ترجع بمهر المثل ، وهذا على القول الذي يوجب مهر المثل عند تلف الصداق .
وأما القسم الثاني : وهو أن تتلف الأم والولد معا في يد الزوج .
فالأم مضمونة عليه ، وبماذا يضمنها فيه قولان :
أحدهما - وهو قوله في الجديد - : أنه يضمنها بمهر المثل . فعلى هذا يكون جميعه عليه إن طلق بعد الدخول ، ونصفه إن طلق قبله .
والقول الثاني - وهو قوله في القديم - : يضمنها بقيمتها ، وفي اعتبار القيمة قولان :
أحدهما : يوم أصدق تغليبا لضمان العقد .
والقول الثاني : يلزمه قيمتها أكثر ما كانت قيمة من وقت الصداق إلى وقت التلف ، اعتبارا بضمان الغصب .
فأما الولد : فحكمه بعد التلف معتبر بحكمه لو كان حيا ، على ما سنذكره ، فإن لم نجعله لها لو كان حيا لم يلزم الزوج له غرم بتلفه .
وإن جعلناه لها لو كان حيا ، ففي ضمانه على الزوج قولان :
أحدهما : أنه مضمون عليه ؛ لأنه ولد أم مضمونة ، فصار مضمونا كولد المغصوبة .
والقول الثاني : لا يضمنه ؛ لأن العقد لم يتضمنه ، وخالف ولد المغصوبة ؛ لأنه غير متعد فيه .
وأما القسم الثالث : وهو أن تكون الأم باقية والولد تالفا ، فلها جميع الأم إن طلقت بعد الدخول ، ونصفها إن طلقت قبله .
والكلام فيما حدث فيها من زيادة أو نقصان على ما مضى .
وأما الولد : فجميعه لها ، وهل يضمنه الزوج بالتلف أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : يضمنه فيلزمه قيمته أكثر ما كان قيمة من وقت ولادته إلى وقت تلفه .
والقول الثاني : لا ضمان عليه ؛ لأنه كالأمانة في يده إلا أن تطلبه منه فيمنعها فيضمنه كالودائع .
[ ص: 447 ] وأما القسم الرابع : وهو أن تكون الأم تالفة والولد باقيا ، ففيما ترجع عليه في بدل الأم قولان :
أحدهما : قيمتها ، وفي اعتبار قيمتها قولان :
أحدهما : قيمته وقت العقد .
والثاني : أكثر ما كان قيمة من وقت العقد إلى وقت التلف ، فعلى هذا يكون الولد لها .
والقول الثاني : ترجع عليه بمهر مثلها . فعلى هذا في الولد وجهان :
أحدهما : أنه يكون للزوجة أيضا لحدوثه في ملكها .
والوجه الثاني : يكون للزوج ؛ لأنه رفع للعقد من أصله ، فصارت غير مالكة لأمه .