[ القول في من أبرأ للزوج من المهر إذا دفعه لولي الزوجة ؟ ]
مسألة : قال
الشافعي : " ويبرأ بدفع المهر إلى
أبي البكر ، صغيرة كانت أو كبيرة ، التي يلي أبوها بضعها ومالها " .
قال
الماوردي : اعلم أن
الأب إذا قبض مهر ابنته ، لم يخل حالها من أحد أمرين :
إما أن يكون مولى عليها أو رشيدة .
فإن كان مولى عليها لصغر أو جنون أو سفه : جاز له قبض مهرها ؛ لاستحقاقه الولاية على مالها ، ولو قبضته من زوجها لم يصح ، ولم يبرأ الزوج منه ، إلا أن يبادر الأب إلى أخذه منها ، فيبرأ الزوج حينئذ منه .
وإن كانت بالغة عاقلة رشيدة فعلى ضربين :
أحدهما : أن تكون ثيبا لا تجبر على النكاح ، فليس للأب قبض مهرها إلا بإذنها ، فإن قبضه بغير إذنها لم يبرأ الزوج منه ، كما لو قبض لها دينا أو ثمنا .
والضرب الثاني : أن تكون بكرا يجبرها أبوها على النكاح ، فالصحيح أنه لا يملك قبض مهرها إلا بإذنها ، فإن قبضه بغير إذن لم يبرأ الزوج منه . وجعل له بعض أصحابنا قبض مهرها ؛ لأنه يملك إجبارها على النكاح كالصغيرة .
وقال
أبو حنيفة : له قبض مهرها بكرا كانت أو ثيبا ، ما لم تنهه عنه .
وكلا المذهبين عندنا غير صحيح ؛ لأن صداقها دين ، فلم يجز أن ينفرد الأب بقبضه مع رشدها كسائر الديون ، ولأن ما لم يملك قبض دينها لم يكن له قبض مهرها كغير الأب من الأولياء ، ولأنه لو ملك القبض بغير إذن لما أثر فيه النهي كحاله مع الصغيرة ، وإذا أثر فيه النهي لم يملكه بغير إذن كالوكيل ، والله أعلم .