مسألة : قال
الشافعي : "
وأي الزوجين عفا عما في يديه ، فله الرجوع قبل الدفع أو الرد والتمام أفضل " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال .
إذا
طلق الرجل الرشيد زوجته الرشيدة قبل الدخول تنصف الصداق بينهما ، فكان لها نصفه بالعقد ، وصار للزوج نصفه ، وفيما يصير به مالكا لنصفه قولان مضيا :
أحدهما : أنه يصير مالكا لنصفه بنفس الطلاق .
والقول الثاني : أنه ملك بالطلاق أن يتملك نصف الصداق .
فإن لم يعف واحد منهما عن حقه تقاسماه عينا كان أو في الذمة ، وإن
عفا واحد منهما ، فلا يخلو حال الصداق من أن يكون عينا أو في الذمة .
فإن كان الصداق في الذمة ، فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون في ذمة الزوج ، وذلك من أحد وجهين .
- إما أن يكون قد أصدقها مالا في الذمة .
- أو أصدقها عينا تلفت في يده ، فصار غرمها في الذمة .
فلا يخلو حال العافي من أن يكون هو الزوج أو الزوجة .
- فإن كان العافي هي الزوجة ، فعفوها يكون إبراء محضا ، ويصح بأحد ستة ألفاظ :
إما أن تقول : قد عفوت ، أو قد أبرأت ، أو قد تركت ، أو قد أسقطت ، أو قد ملكت ، أو قد وهبت .
فبأي هذه الألفاظ الستة أبرأته صح ، ولم تفتقر إلى قبوله على مذهب
الشافعي وأكثر أصحابنا .
وقال بعض أصحابه - منهم
أبو العباس بن رجاء البصري - : الإبراء لا يتم إلا بالقبول كالهبة . وهذا قول
أبي حنيفة .
وهذا فاسد من وجهين :
[ ص: 519 ] أحدهما : أنه إسقاط ملك ، فأشبه العتق .
والثاني : أنه عفو ، فأشبه العفو عن القصاص والشفعة .
وإن كان العافي هو الزوج : فعفوه هبة محضة لا يصح من الألفاظ الستة إلا بإحدى لفظين : إما الهبة وإما التمليك ، ولا يتم إلا بثلاثة أشياء :
ببذل الزوج ، وقبول الزوجة ، وقبض من الزوج أو وكيله فيه إلى الزوجة أو وكيلها فيه .
فإن لم تقبض فله الرجوع ، وهو معنى قول
الشافعي : فله الرجوع قبل الدفع .