الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : والضرب الثاني : أن يكون الصداق في ذمة الزوجة ، وذلك بأن تستهلكه بعد قبضه ، فيصير نصفه المستحق بالطلاق في أحد الوجهين ، أو باختيار تملكه بعد الطلاق في الوجه الثاني ، ملكا للزوج ، فلا يخلو أن يكون العافي منهما هو الزوج أو الزوجة :

- فإن كان العافي هو الزوج ، ترتب عفوه على اختلاف القولين فيما ملك بالطلاق ، فإن قيل : إنه ملك بالطلاق نصف الصداق كان عفوه إبراء محضا يصح بأحد الألفاظ الستة : إما بالعفو ، أو بالإبراء ، أو بالترك ، أو الإسقاط ، أو التمليك ، أو الهبة ، وفي اعتبار قبولها وجهان على ما مضى .

وإن قيل : إنه ملك بالطلاق أن يتملك نصف الصداق ، كان عفوه إبطالا لتملك الصداق ، فيصح بالألفاظ الستة التي يصح بها الإبراء ، أو يصح بزيادة لفظتين وهما : الإخلال والإباحة ، فيصير عفوه بأحد ثمانية ألفاظ ، ولا يفتقر إلى القبول وجها واحدا لا يختلف أصحابنا فيه ، كما لا يفتقر العفو عن الشفعة والقصاص إلى قبول .

- وإن كان العافي منهما هي الزوجة ، فعفوها هبة محضة تصح بإحدى لفظين : إما الهبة أو التمليك ، ولا تتم إلا بثلاثة أشياء : بالبذل ، والقبول ، والقبض .

- فإن عفا الزوجان جميعا نظر :

- فإن كان في ذمة الزوج غلب عفو الزوجة على عفو الزوج ؛ لأن عفو الزوجة إبراء وعفو الزوج هبة .

- وإن كان في ذمة الزوجة غلب عفو الزوج على عفو الزوجة ؛ لأن عفو الزوج إبراء ، وعفو الزوجة هبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية