مسألة : قال
الشافعي : " فأما في
الصداق غير المسمى أو الفاسد ، فالبراءة في ذلك باطلة ؛ لأنها أبرأته مما لا تعلم ، ( قال ) : ولو قبضت الفاسد ثم ردته عليه ، كانت البراءة باطلة ، ولها مهر مثلها ، إلا أن يكون بعد معرفة المهر ، أو يعطيها ما تستيقن أنه أقل ، وتحلله مما بين كذا إلى كذا أو يعطيها أكثر ، ويحللها مما بين كذا إلى كذا " .
قال
الماوردي : اعلم أن
إبراء المرأة لزوجها من الصداق معتبر بشرطي الإبراء :
أحدهما : أن يكون بعد وجوب الحق ، فإن كان قبل وجوبه لم يصح ، كمن عفا عن الشفعة قبل الشراء لم يصح العفو .
والثاني : أن يكون من معلوم القدر ، فإن كان الإبراء من مجهول لم يصح .
وكذلك الضمان لا يصح إلا بهذين الشرطين :
أن يكون بعد وجوب الحق ، وأن يكون معلوم القدر .
وأسقط
أبو حنيفة اعتبار هذين الشرطين في الضمان ، وجوز الإبراء من المجهول .
وللكلام عليه موضع غير هذا .
وإذا كان كذلك فالنكاح ضربان :
أحدهما : نكاح تفويض . والثاني : نكاح غير تفويض .
فأما
نكاح التفويض : الذي لم يسم لها فيه مهرا ، إذا أبرأت زوجها من صداقها فيه ، فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون بعد أن فرض لها فيه مهر ، فالإبراء صحيح ؛ لأنها أبرأته من واجب معلوم .
والضرب الثاني : أن يكون قبل أن يفرض لها فيه مهر ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن تبرئه قبل الدخول بها ، فالإبراء باطل ؛ لأنها أبرأته مما لم يجب ؛ لأن مهر المفوضة لا يجب بالعقد ، وإنما يجب بالفرض أو بالدخول .
والضرب الثاني : أن يكون بعد الدخول بها ، فقد وجب لها مهر المثل ، فإن علمت قدره صح الإبراء ، ولم تفتقر إلى القبول على مذهب
الشافعي وجمهور أصحابه .
وقال بعضهم : لا يتم إلا بقبول الزوج ، وهو مذهب أبي حنيفة ، وإن لم تعلم قدره فالإبراء باطل ؛ لأن البراءة من المجهول باطلة .