فصل : وإذا
خالع الرجل زوجته المدخول بها على طلقة واحدة بعوض ، ثم تزوجها في عدتها وطلقها في النكاح الثاني قبل دخوله بها ، كان لها نصف المهر المسمى في النكاح الثاني .
وقال
أبو حنيفة : لها فيه جميع المهر ، وإن لم يدخل بها ؛ استدلالا بأمرين :
[ ص: 546 ] أحدهما : أنه نكاح قد وجب عليها فيه العدة ، فوجب أن يكمل لها فيه جميع المهر كالمدخول بها .
والثاني : أن حكم الوطء موجود فيه للحوق ولدها ، فوجب أن يثبت حكمه في كمال المهر .
ودليلنا : قول الله تعالى :
وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم [ البقرة : 237 ] ، وهذا نكاح لم يمسها فيه فوجب ألا يستحق من المفروض لها إلا نصفه ، ولأنها مطلقة من نكاح لم يصبها فيه فوجب أن يتنصف صداقها ، كما لو طلقها بعد انقضاء عدتها .
فأما استدلاله بأنها تعتد منه فليس بصحيح ؛ لأنها تعتد من الأول دون الثاني ؛ لأنها تأتي بباقي العدة دون جميعها .
وأما استدلاله بأن حكم الوطء يلحق ولدها به موجود فيه ففاسد ؛ لأن لحوقه بالنكاح الأول دون الثاني لأمرين :
أحدهما : أنها لو وضعته لأقل من ستة أشهر من النكاح الثاني لحق به .
والثاني : أنه إن لم يتزوجها بالعقد الثاني وجاءت بولد لأقل من أربع سنين من فراق النكاح الأول لحق به ، والله أعلم .