الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : القول في المسح على العمائم وإذا مسح بعض رأسه فيختار أن يكمل ذاك بمسح العمامة . نص عليه الشافعي لرواية وهب الثقفي ، عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى عمامته .

فأما إن اقتصر على مسح العمامة وحدها دون الرأس لم يجزه في قول جمهور الفقهاء . وقال أحمد بن حنبل وسفيان الثوري يجزيه استدلالا برواية راشد بن سعد ، عن ثوبان قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يمسحوا على العصائب والنساخين ، يعني بالعصائب العمائم ، والنساخين يعني به الخفاف ، قال : ولأنه عضو يسقط في التيمم فجاز الاقتصار بالمسح على حائل دونه كالرجلين .

ودليلنا قوله تعالى : وامسحوا برءوسكم ، فأوجب الظاهر تعلق الفرض بالرأس من غير حائل ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حين مسح برأسه قال : هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ولأنه عضو لا يلحقه المشقة في إيصال الماء إليه فلم يجز الاقتصار على حائل دونه كالوجه .

فأما الجواب عن الخبر أنه أمرهم أن يمسحوا على العمائم والنساخين ، فقد كانت عمائم العرب إذ ذاك صغارا ولذلك سميت عصائب لصغرها ولم تكن تعم جميع الرأس ولا تمنع من وصول المسح إليه ، إما مباشرة أو بللا ، وأما قياسهم على الخفين ، فالمعنى فيه لحوق المشقة بنزعهما ، وأن فرض الرجلين استيعاب غسلهما وليس كذلك في الرأس ؛ لأن الفرض مسح بعضه ولا يشق ذلك عليه مع ستر رأسه .

التالي السابق


الخدمات العلمية