مسألة : قال
الشافعي : " ولو
غاب أحد الزوجين ولم يفسخ الوكالة ، أمضى الحكمان رأيهما " .
[ ص: 607 ] قال
الماوردي : وهذا كما قال ، إذا استقرت ولاية الحكمين في شقاق الزوجين ، فغاب الزوجان أو أحدهما ، وأراد الحكمان تنفيذ ما إليهما ، فهو مبني على اختلاف القولين فيهما ، فإن قلنا : إن التحكيم وكالة ، جاز لهما مع غيبة الزوجين أن يفعلا ما رأياه صلاحا ؛ لأن للوكيل أن يستوفي حق موكله ، ويوفي ما عليه من حق ، وإن كان غائبا هذا إذا كانا مفترقين في الغيبة ، فأما إذا كانا في غيبتهما مجتمعين لم يكن للحكمين إيقاع طلاق ولا خلع ؛ لجواز أن يصطلحا في الغيبة ، وإن قيل : إن التحكيم حكم لم يجز للحكمين أن يحكما مع غيبتهما ، سواء كانا فيهما مجتمعين أو مفترقين ؛ لأنه وإن جاز الحكم عندنا على الغائب ، فالحكم له لا يجوز حتى يحضر ،
فإن رجع الزوجان عن التحكيم فإن كان مع اصطلاحهما بطلت ولاية الحكمين ، سواء قيل : إن التحكيم حكم أو وكالة ؛ لأن الشقاق قد زال ، وإن كان مع مقامها على الشقاق بطل التحكيم إن قيل : إنه وكالة ، ولم يبطل إن قيل : إنه حكم .
ولو رجع أحد الزوجين دون الآخر كان كرجوعهما معا يبطل به التحكيم إن قيل : إنه وكالة ، ولم يبطل به إن قيل : إنه حكم ؛ لأن التحكيم لا يصح إلا بحكمين .