مسألة : قال
الشافعي : " وإن أعطته إياها في وقت الخيار لزمه الطلاق وسواء هرب الزوج أو غاب حتى مضى وقت الخيار أو أبطأت هي بالألف " .
قال
الماوردي : وهذا الكلام الذي نقله
المزني هاهنا عن
الشافعي مبتور لا يستقل بنفسه وقد اختلف أصحابنا فيه .
فقال بعضهم : هو عطف على المسألة التي قبلها إذا
قالت له طلقني على ألف ، فقال : أنت طالق على ألف إن شئت ، فإن شاءت في وقت الخيار على الفور لزمه ، سواء أعطته الألف في وقت الخيار ، أو أخرتها لهرب الزوج ، أو لإبطائها لأن العطية تصير شرطا في القبول فيراعى فيها الفور .
وقال الأكثرون من أصحابنا بل هي مسألة مبتدأة أغفل
المزني ذكرها ونقل جوابها ، وقد نقلها
الربيع في كتاب الأم ، وذكر فيها هذا الجواب ، وصورتها : أن يقول الزوج لامرأته : إن أعطيتني ألفا فأنت طالق ، فإن أعطته في وقت الخيار عاجلا وقع
[ ص: 41 ] الطلاق ، وإن أخرت دفع الألف إما لسبب من جهة الزوج بأن غاب أو هرب ، وإما لسبب من جهتها بأن أبطأت لعذر أو غير عذر لم يقع الطلاق ، لأن دفع الألف قد صار شرطا في الخلع فروعي فيه الفور كالقبول لكن الفور فيه معتبر بحال الجواب ، يجوز أن يكون بينهما مهلة يسيرة وجها واحدا ، بخلاف المشيئة في أحد الوجهين ، لأن هذا فعل والمشيئة قول وزمان الفعل أوسع من زمان القول .
ثم نقل
الربيع في الأم مع هذه المسألة والتي قبلها مسألة ثالثة أغفلها
المزني هاهنا ، وهو أن يقول لها الزوج : إن ضمنت لي ألفا فأنت طالق ، فإن ضمنتها على الفور في الحال طلقت سواء دفعتها في الحال ، أو أخرتها ، وإن لم تضمنها على الفور حتى تراخى الوقت لم تطلق سواء دفعتها في الحال ، أو أخرتها ، لأن شرط الخلع هو الضمان دون الدفع فلذلك روعي تعجيل الضمان ، ولم يراع تعجيل الدفع والفور هاهنا معتبر بفور القبول بعد البذل وجها واحدا بخلاف المشيئة في أحد الوجهين ، لأنهما ، وإن كانا معا بالقول فالضمان قبول محض فساواه ، والمشيئة جارية مجراه فصار تحرير هذه المسائل الثلاث أنه متى علق الخلع بدفع الألف روعي فيه خيار الجواب فجاز بعد مهلة يسيرة ، وإن علق بضمان الألف روعي فيه خيار القبول ، فلم يجز بعد مهلة يسيرة وإن علق بالمشيئة فعلى وجهين :
أحدهما : يراعى فيه خيار الجواب كالدفع .
والثاني : يراعى فيه خيار القبول كالضمان .