فصل : فإن حدث موت فهو على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يموت الولد .
والثاني : أن
تموت الزوجة .
والثالث : أن
يموت الزوج .
فإن مات الولد فهو على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يموت في الحال قبل الرضاع .
والثاني : أن يموت بعد الرضاع ، وقبل استيفاء الطعام .
والثالث : أن يموت بعد أن مضى بعض الرضاع ، وبقي بعضه وجميع الطعام .
فأما القسم الأول : وهو أن
يموت في الحال قبل الرضاع والطعام فهل للأب أن يأتي بولد ترضعه بدلا منه أم لا ؟ على قولين نذكر توجيههما من بعد :
أحدهما : يأتي ببدله ، فعلى هذا يكون الخلع بحاله لا يبطل بموت الولد لأن غيره قد قام مقامه في الرضاع والنفقة .
والقول الثاني : أنه لا يجوز أن يأتي ببدله ، فعلى هذا قد بطل الخلع في الرضاع فتفرقت به الصفقة بمعنى طرأ بعد العقد .
وقد اختلف أصحابنا في تفريق الصفقة بعد العقد هل يكون كتفريقها حال العقد أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أنهما في تفريق الصفقة سواء ، فعلى هذا هل يبطل الخلع في الطعام لبطلانه في الرضاع أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : قد بطل إذا لم يجوز تفريق الصفقة ، فعلى هذا قد وقع الطلاق على خلع فاسد ، فوقع بائنا ، وبماذا يرجع عليها على قولين :
أحدهما : وهو قوله في القديم يرجع عليها بأجرة رضاع الحولين وقيمة الطعام .
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد أنه يرجع عليها بمهر مثلها كما قلنا في بطلان الصداق أن فيما ترجع به الزوجة قولين .
[ ص: 54 ] والقول الثاني : في الأصل أن الخلع في الطعام لا يبطل ، وإن بطل في الرضاع إذا جوزنا تفريق الصفقة ، فعلى هذا يكون الزوج لتفريق الصفقة عليه بالخيار بين إمضاء الخلع في الطعام وبين فسخه ، فإن فسخ ففيما يرجع به عليها قولان :
أحدهما : بأجرة الرضاع وقيمة الطعام .
والثاني : بمهر المثل ، وإن أقام فعلى قولين :
أحدهما : أن يقيم على الطعام بجميع الخلع وإلا فسخ .
والثاني : أنه يقيم عليه بحسابه وقسطه ، ويرجع بحساب الرضاع وقسطه ، وبماذا يكون رجوعه على قولين :
أحدهما : وهو القديم بأجرة رضاع الحولين .
والثاني : وهو الجديد بقسطه من مهر المثل .
مثاله : أن ينظر أجرة الرضاع وقيمة الطعام ، فإذا كانت أجرة الرضاع مائة ، وقيمة الطعام مائتين كان الرضاع ثلث الخلع فيرجع بثلث مهر المثل ، فهذا الكلام على أحد وجهي أصحابنا أن تفريق الصفقة بعد العقد لا يمنع من صحة العقد فيما يفي بخلافهما حال العقد .
فعلى هذا يكون الخلع جائزا في الطعام قولا واحدا ، وإن بطل في الرضاع ويكون فيه بالخيار على ما مضى ، فإن أقام على الطعام فهل يكون إلى آجاله أو يتعجل على وجهين حكاهما
أبو إسحاق المروزي :
أحدهما : قد حل ، لأنه كان مؤجلا بتأجيل الرضاع ، فإذا بطل الرضاع ارتفع الأجل فحل الطعام .
والوجه الثاني ، وهو الأصح أن الطعام إلى أجله لا يتعجل ، لأن المؤجل لا يتعجل إلا بموت من عليه الحق دون مستوفيه ، والطعام أحد المقصودين ، وليس ببيع محض ويكون فيه بالخيار ، فإن فسخ ، الجواب فيما يرجع به على ما مضى ، وإن أقام عليه أخذه بقسطه قولا واحدا ورجع بباقيه على ما ذكرنا من القولين .