الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإذا تقرر ما ذكرنا فلا يخلو حال الخلع بالخمر من أن يكون معينا أو غير معين فإن كان غير معين فهو ما مضى ، وهو أن يقول : إن أعطيتني خمرا فأنت طالق ، فإذا أعطته الخمر طلقت ووجب له عليها مهر المثل ، وإن كان الخمر عينا فضربان :

أحدهما : أن يعجل به الطلاق وكأنه قال لها : أنت طالق على أن تعطيني هذا الخمر فقد طلقت ولا يستحق عليها ذلك الخمر ، وهل يستحق عليها مهر مثلها أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : يستحقه كما كان الخمر غير معين فعلى هذا يقع الطلاق بائنا .

والوجه الثاني : أنه لا يستحق مع تعيين الخمر مهر المثل ، لأنه لما عين تملك ذلك الخمر فقد عين ألا يتملك ما سوى الخمر فلذلك سقط حقه من بدله ، ولم يسقط مع ترك التعيين حقه من البدل ، فعلى هذا يقع الطلاق رجعيا ، لأنه لم يملك بدلا .

والضرب الثاني : أن يجعل الطلاق معلقا بدفعه .

مثاله أن يقول : إن أعطيتني هذا الخمر فأنت طالق فإذا أعطته ذلك ففي وقوع طلاقه به وجهان بناء على ما مضى من الوجهين :

أحدهما : تطلق به إذا قيل : إنه لو عجل طلاقها به رجع بمهر المثل كذلك هاهنا تطلق بدفعه وترجع بمهر المثل .

والوجه الثاني : لا تطلق بدفعه إذا قيل : إنه لو عجل طلاقها به لم يرجع عليها بشيء ، والفرق بين ألا يعين الخمر فتطلق وبين أن يعين الخمر فلا تطلق أن المقصود بالتعيين التمليك وبالإطلاق الصفة والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية